المؤكد أن كل نقلة عن توجه أو طريق بات روتينيًا أو تقليديًا إلى آخرَ حديث وريادي، تتطلب قرارات سياسية جريئة تتخذها الحكومات والسلطات الرسمية، وتتعداها إلى مسؤولي القطاع الخاص من مخططين وإداريين ومعلمين وأساتذة، فضلًا عن الطلاب أنفسهم والأهالي كذلك. فالانتقال نحو التعليم الإلكتروني يتطلب من كل من هؤلاء القيام بأدوارهم، وفي حال أخلَّ طرف من هذه الأطراف بما تمليه عليه واجباته من متطلبات، تقع التجربة برمتها في الفشل.
ومثل هذا الوضع يثير الكثير من الأسئلة والإشكالات حول كفاءة كل طرف من أطراف المعادلة السابقة.
منظمة اليونسكو، باعتبارها المؤسسة الأممية المعنية، قدمت المساعدة التقنية المطلوبة منها لعشرات الدول التي ثبت أنها بحاجة إليها، باعتبار أن خبراتها في التعامل مع التعليم عن بُعد محدودة أو جزئية وتتطلب الدعم والمساندة والترشيد.
ونشطت اليونسكو في العمل من أجل تسريع التوجه نحو إيجاد حلول تعليمية بديلة وشاملة للجميع، بمن فيهم السلطات والهيئات التعليمية والإدارية والتلامذة. وعملت على وضعها في حيز الممارسة باستخدام التكنولوجيا المتطورة أو البسيطة، أو من دون استخدام التكنولوجيا حتى، بما يتلاءم مع جملة ظروف وأوضاع متباينة.
وفيما كانت القرارات الرسمية الحكومية والخاصة تعمد إلى فتح وإقفال المدارس والجامعات، والتردد بين التعليمين التقليدي والإلكتروني؛ ما يجعل المتلقين "يدوخون" وهم يتنقلون بين مختلف الطرائق، تبيّن لليونسكو أن الأزمة حفزت البعض على الابتكار في قطاع التعليم ومحاولة مجابهة الأزمة بعدد من الوسائل الخلاقة لتطوير التعليم عن قرب أو بُعد.
فمثلًا ظهرت تجارب في اعتماد الصفوف المفتوحة غير المقيَّدة بغرف الصفوف، كما كان عليه التعليم قبل قيام المدرسة الحديثة، في حين أن أخرى اتجهت نحو استعمال الإذاعة والتلفزيون وتحضير حُزم دراسية ليأخذها الطلاب معهم إلى منازلهم.
أما المعلمون والأساتذة الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها مرغمين على ممارسة هذا الانتقال المباغت، فالكثيرون منهم ابتكروا أساليب تواصل جديدة تتلاءم مع ظروف تلامذتهم وطلابهم.
تتركز جهود اليونسكو على تفعيل شبكة تواصل لإتاحة المجال أمام تبادل الخبرات، وطرح الأسئلة، والتماس الدعم للمواظبة على تقديم تعليم شامل للجميع. وعليه، ترى أنه يمكن لممثلي الدول الراغبين في الانضمام إلى الشبكة التواصل مع الجهة المعنية عبر البريد الإلكتروني، بهدف التوصل إلى الإفادة من مجموعة مختارة من الموارد التعليمية الرقمية المجانية التي يمكن للحكومات والمدارس والمعلمين والأهالي استخدامها لفتح آفاق تعليمية جديدة أمام المتعلّمين.
وكذلك التواصل مع المنابر التعليمية الوطنية المصممة لدعم استمرارية التعليم القائم على المناهج الدراسية. وإقامة الشراكات من أجل النهوض بالقدرات المحلية والوطنية لضمان تقديم التعليم عن بُعد. ورغم هذه التوجهات فهي تعمل على رصد منبر لتحديد الأعداد العالمية للمدارس التي تغلق بالكامل، أو في مناطق محددة فقط، ناهيك بأعداد المتعلمين المتضرّرين.
أما الأمم المتحدة فتحدد عدة أولويات لفتح المدارس، في مقدمها السيطرة على انتشار الفيروس وكبحه، والتخطيط بشكل مفصل لإعادة فتح المدارس، والاستماع لجميع الأطراف المعنية فيما يخص احتياجاتها، والتنسيق مع جميع الجهات، وحماية التعليم وقواه وتعزيز الإيرادات وتوفير الأموال للتعليم ووضعه على سلم الأولويات، وأخيرًا تعزيز التنسيق الدولي لمواجهة أزمة الديون، وحماية المساعدات الإنمائية الموجهة للتعليم.