في أعقاب إطلاق صاروخ من غزة يوم الاثنين الماضي تجاه دولة الاحتلال (إسرائيل) قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت: إن (إسرائيل) سترد على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة في الوقت الذي تراه مناسبا، مؤكدا أن (الجيش) على أهبة الاستعداد لمواجهة جميع السيناريوهات.
بعد انتهاء الجولة الأولى من معركة سيف القدس التي انتصرت فيها المقاومة باعتراف المحتل الإسرائيلي توعد قادة الكيان الغاصب غزة بالرد الصاروخي على كل بالون ينطلق منها، ولكننا الآن نراهم يتحدثون بلغة مختلفة جدا، لغة شبيهة بلغة الأنظمة العربية الضعيفة، التي تقابل كل عدوان إسرائيلي بجملة "سنرد في الوقت المناسب". الحديث يدور عن إطلاق صاروخ وليس بالونا، ومع ذلك لم يرد الاحتلال في وقتها، وحتى هذه اللحظة، وقد يقصف غزة بأي لحظة، لكن العبرة أن (إسرائيل) أدركت أنه لا يمكن جلب الهدوء للكيان الإسرائيلي باستفزاز المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بل لا بد من البحث عن حلول تؤدي إلى هدوء مضمون والابتعاد عن استفزاز المقاومة والشعب الفلسطيني.
ومن الدروس المستفادة من رد الفعل الإسرائيلي على إطلاق الصاروخ الأخير إدراك الاحتلال الإسرائيلي أن إطلاقه جاء ردا من المقاومة في غزة على استشهاد 4 مواطنين من جنين في الضفة الغربية قتلهم جيش الاحتلال، حيث قال محللون إسرائيليون إنه يتعين على (إسرائيل) أن تأخذ بالحسبان أن المعادلة تغيرت، وأن الإجراءات التي يتخذها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين في الضفة قد يقابلها رد فعل من غزة، وقيل أيضا إن من أسباب إطلاق الصاروخ مماطلة الاحتلال في إدخال أموال المنحة القطرية، علما أنه لم يصدر عن أي جهة في غزة أي تعليق على إطلاق الصاروخ ودوافعه.
فيما مضى كانت دولة الاحتلال ترتكب أبشع الجرائم والمجازر ضد الفلسطينيين وفي كل مكان؛ سواء داخل فلسطين أو خارجها، وكانت قادرة على تحمل تبعات جرائمها؛ لأنها لم تكن تتعدى قرارات وهمية من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، واستنكارات سخيفة من الأنظمة العربية، ولكنها الآن لا يمكنها تحمل تبعات جرائمها واعتداءاتها لأنها ثقيلة ومكلفة جدا، وقد شاهدنا كم بلغت تكلفة الاعتداء على أهلنا في حي الشيخ جراح في القدس؛ دخل الكيان في حرب لم يشهدها من قبل، تعطلت الحياة العامة والطيران والاقتصاد، دب الرعب في قلب محتل دخيل على فلسطين، كما دبت فيهم الأمراض النفسية، نزلوا بالملايين إلى الملاجئ ولم يكن جيشهم قادرا على اقتحام غزة. لذلك دولة الاحتلال تعيش لحظات عصيبة، لأنها أمام خيارين لا ثالث لها، إما الاستمرار في الغطرسة وارتكاب الجرائم ودفع تكاليف أعلى ثم الاستسلام، وإما الاعتراف بأنها لم تعد قادرة على السيطرة على الشعب الفلسطيني وحصاره واحتلاله والتصرف بناء على هذه الحقيقة، وبناء على الواقع الجديد الذي فرضته المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.