لا يستبعد عضو عربي في "الكنيست"، ومراقب للشأن الإسرائيلي، أن يكون كلام وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان عن وجود "جنديين ومواطنين في أسر حماس"؛ على حد وصفه، فتحا للباب أمام صفقة لتبادل الأسرى، وإقرارا بشكل غير مباشر بأنهم أحياء، لكنهما يشيران إلى أن سلطات الاحتلال غير مستعدة حاليا لدفع ثمن كذلك الذي دفعته في صفقة "وفاء الأحرار".
ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية، أول من أمس، عن ليبرمان خلال رده على أسئلة وجهت إليه في جلسة استجواب" بالكنيست" اشتراطه، أن تسمح حركة المقاومة الإسلامية حماس للجنة الدولية للصليب الأحمر، بزيارة الجنود المتواجدين في الأسر، لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.
وأضاف ليبرمان: "هناك جنديان ومواطنان أسرى لدى حماس، ولم يطالب أحد من المجتمع الدولي أو من هذا المكان الصليب الأحمر بزيارتهم".
يقول العضو العربي في "الكنيست" عبد الله أبو معروف، لصحيفة "فلسطين": إن "كلام ليبرمان جاء في سياق رده على أسئلة عضو في "الكنيست"، مبينا أنه يمكن القول إن هذا هو إقرار بشكل غير مباشر بوجود أسرى أحياء في قطاع غزة، أو أن ليبرمان "تكلم بشكل عام".
وردا على سؤال: هل هذا هو تطور في موقف الاحتلال؟ يجيب أبو معروف: "لا أرى أنه تطور، بل مجرد رد على استجواب، ويمكن أن يكون ليبرمان أراد أن يعطي لعضو البرلمان السائل جوابا شافيا معينا لأنه لم يتوقع هذا السؤال ولهذا أجاب بهذا الشكل الدبلوماسي أنه يجب للصليب الأحمر أن يسمح له بالزيارة وبعدها يمكن أن يكون تطور معين في التصرف تجاه قطاع غزة".
وفي نفس الوقت لم يستبعد أبو معروف أن ينم كلام ليبرمان عن توجه لدى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لإبرام صفقة لتبادل الأسرى، لكنه يشير إلى أن حكومة الاحتلال تتعامل مع هذا الموضوع بطريقة ملتوية وبشكل تضليلي.
وينوه إلى أنه يمكن أن يحدث تطورات معينة على ضوء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، تؤدي لبدايات محادثات ما بشكل غير مباشر.
لكنه ينبه إلى أن ليبرمان لا يستطيع أن يتخذ قرارا منفردا دون أن يكون هناك قرار من نتنياهو، ومجلسه الوزاري، لافتا إلى أن ليبرمان قد يتراجع عن كلامه لاحقا.
وعما إذا كانت سلطات الاحتلال جاهزة لدفع ثمن صفقة تبادل أسرى جديدة، يرى أنه حتى الآن غير جاهزة، وأن هذا يمكن أن يتغير على ضوء تنسيق مع ترامب.
ومطلع أبريل/ نيسان 2016، كشفت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس، لأول مرة عن وجود أربعة جنود إسرائيليين أسرى لديها، لكنها لم تكشف إن كانوا أحياء أم أمواتا. وتؤكد حماس بصفة مستمرة أنها لن تقدم أي معلومات حول الإسرائيليين الأسرى لدى القسام دون مقابل.
وفي 21 أبريل/ نيسان 2017، نشرت القسام، مقطعا مصورا لأغنية تلمح إلى أن جنديين إسرائيليين أسيرين لديها منذ العدوان على القطاع، عام 2014، على قيد الحياة، وتضمن الفيديو صورا للجنديين شاؤول أورون وهدار جولدن ولعائلتيهما، لكنه لم يحتوِ على أي مشاهد حية لهما.
"فتوى دينية"
أما المتخصص في شؤون الاحتلال الإسرائيلي نظير مجلي، فيقول إنه يمكن تفسير تصريحات ليبرمان على أنه يعترف بأن هناك جنديين حيين أسيرين في قطاع غزة، وأيضًا من الممكن أن يأتي ليبرمان ويقول إنه تحدث عن أسرى، وأن بين هؤلاء جنديين قتيلين؛ لأن الرواية الرسمية في (إسرائيل) التي نتجت عن فتوى رسمية دينية من الحاخمات تقول إنهما قتيلان.
ويتابع مجلي لصحيفة "فلسطين": "عندما أعطيت فتوى رسمية بهذا الشكل، لا يوجد تراجع عنها حتى الآن"، معتبرًا أن "من الصعب أن نستنتج أنه (ليبرمان) ينفي بذلك الرواية القديمة التي تقول إن الجنديين قتيلان".
لكنه يجدد التأكيد أن تصريحات ليبرمان "يمكن تفسيرها في كل الاتجاهات"، مبينا أن الأهم من ذلك أن ليبرمان قد يكون بذلك يفتح الباب بشكل أو بآخر للمفاوضات حول صفقة تبادل أسرى.
وعما إذا كانت حكومة الاحتلال جادة في التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، يقول: إنه ليس هناك ما يوحي بأن حكومة الاحتلال من الممكن أن تصل إلى خطوة بحجم صفقة وفاء الاحرار، ولكنها تريد صفقة بالتأكيد، خصوصا أن عائلات الجنود الأسرى بدأت تتحرك في الشارع الإسرائيلي للمطالبة باستعادة أبنائها.
ويبين أن هذا يشكل عاملا إضافيا لرغبة حكومة الاحتلال في صفقة، ولكنها تريد أن تدفع أقل ثمن ممكن، وليس كذلك الذي دفعته في صفقة وفاء الاحرار.
ويوضح مجلي، أنه من الصعب أن نقرر إلى أي مدى حكومة الاحتلال جاهزة لدفع ثمن صفقة؟ قائلا: "هي حكومة يمين متطرف نجحت حتى الآن في كبح احتجاج العائلات ولديها في داخل الحكومة من يعارض هذه الخطوة بأي شكل من الأشكال".
ويتابع: "الحكومة تريد صفقة خفيفة لا تؤدي إلى تحطم الائتلاف"، مشيرا إلى أن التوصل إلى صفقة يتوقف على الظروف وعلى الشارع الإسرائيلي وكيفية تعاطيه مع هذا الموضوع.
ويلفت إلى أنه "يوجد في (إسرائيل) نوع من عدم الاكتراث تجاه هؤلاء (الجنود الأسرى)"، مفسرا بأن الادعاء الإسرائيلي الرسمي بأن هناك "اثنين قتيلين تغلغل في المجتمع الإسرائيلي".
ويتمم بأن المحرك الأساسي فيما إذا كان سيتم إبرام صفقة أم لا، هو كيفية تحرك عائلات الجنود الأسرى.
وكان رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل كشف في وقت سابق، أن عدة أطراف -لم يسمها- تقدمت بوساطات فعلية لإتمام صفقة تبادل أسرى جديدة.
يشار إلى أن صفقة أبرمت في 2011، لتبادل الأسرى برعاية مصرية، أطلق بموجبها سراح الجندي في جيش الاحتلال جلعاد شاليط، مقابل الإفراج عن 1027 أسيرا فلسطينيا في سجون الاحتلال.