فلسطين أون لاين

"متجذرون في أرض الزيتون".. فنانون تنطق لوحاتهم بقضايا وطنهم

...
غزة/ هدى الدلو:

"سلام الأقصى" هو عنوان لوحة الفنانة زينة الشرفا المشاركة في معرض "متجذرون في أرض الزيتون"، لتتحدث بأسلوب مغاير عن الهجمات التي يشنها الاحتلال ضد القدس والأقصى، مطالبة بالسلام والحرية لمدينة الحب والسلام.

رسمت الشرفا بريشتها مسجد قبة الصخرة دلالة على مدينة القدس بكاملها، وحمام الأقصى الأبيض في إشارة على السلام والحرية التي ارتبطت بالطير، أما غصن الزيتون فدلت به على الأصالة والعروبة.

تقول الشرفا (20 عامًا) من سكان مدينة غزة، لصحيفة "فلسطين": "استوحيت فكرة اللوحة من اسم المعرض، ولإيماني باستثمار موهبتي في إيصال رسالة قضيتي الفلسطينية التي تحتاج لجهد جميع الفلسطينيين من أجل إيصالها للمجتمع الخارجي".

ومشاركة الشرفا في معرض "متجذرون" ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، كما تقول، إذ تجد في ذلك نوعًا من الدعم الإيجابي للوحات التي تمضي وقتًا في رسمها، وفرصة للاستماع لانتقادات الزوار والتي تمثل عاملًا تحفيزيًّا لتجويد خطوطها وألوانها وجعلها أكثر قوة، وتجديد أسلوبها الفني.

وبمشاركة 50 فنانًا فلسطينيًّا، افتتحت مؤسسة رواسي للثقافة والفنون بالتعاون مع جمعية الشبان المسيحية، الاثنين الماضي، معرضًا للفنون التشكيلية ضمن فعاليات يوم الشباب العالمي الذي يوافق 12 أغسطس من كل عام.

وانطلق المعرض الذي استمر ليومين تحت شعار "متجذرون في أرض الزيتون"، وضم 100 لوحة فنية.

ويحاكي المعرض قضايا الشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال، والحصار الإسرائيلي لقطاع غزة. وأراد المنظمون إيصال رسالة تؤكد أهمية حفظ التراث ودعم للقضية الفلسطينية وإبراز دور الشباب في المجتمع، وإبراز مهاراتهم ومواهبهم للعالم الخارجي رغم الحصار، وفق حديث مهند حمدان منسق المعرض في مؤسسة رواسي.

أما الفنانة فاطمة صبيح (17 عامًا)، والتي تنتمي فنيًّا لعائلة فناني البروترية، فتحاول الرسم بالألوان لأجل تجسيد القضية الفلسطينية ثقافيًّا بإبراز أصولها وعراقتها، بشكل تجسيد الهوية الوطنية أمام العالم.

تنظر صبيح للوحتها التي حملت صورة عجوز رسمت بدلًا من عينيها الأقصى، وتقول: "مهما مضى على قضيتنا من سنوات وكبرنا إلا أننا لا يمكن أن ننساها، فالقدس وفلسطين لن تبرحا قلوبنا وستبقيان في أعيننا، والنار التي بداخلنا يستحيل أن تنطفئ دون أن نحررها".

وترى أن المعارض الفنية المحلية يمكن أن تُعلي صوت فلسطين في الخارج إزاء القضايا الملحة كإنهاء الحصار والإعمار، من خلال الزوار الذي تشدهم اللوحات المنشورة عبر وكالات الأنباء.

ويرى رئيس رابطة الفنانين الفلسطينيين د. عبد الوهاب أبو حرب، أن للمعارض المحلية أهمية كبيرة بالنسبة للفنانين، "فهي متنفسهم ووسيلة للتفريغ الانفعالي في ظل الوضع المعاش في قطاع غزة".

ويشير إلى أن معرض "متجذرون" يعكس صورة الفنان المشارك فيه، ويبرز دوره، ووطنه الذي يعيش فيه، "وبالتالي فإن أي تجسيد أو مشاركة محلية أو دولية تبرز القضية الفلسطينية من خلال أعماله، والمعاناة التي يعيشها الفنان وشعبه".

ويعرب أبو حرب عن أسفه لمحدودية المعارض المحلية وكذلك جمهورها، ولذلك يرى أن هذه المعارض تعطي الفنانين مساحة لتعبير عن قضاياهم بالطريقة التي في مخيلتهم.

ويتمنى أن تتحسن الأوضاع القائمة ويتم الاهتمام بالفنانين والفن والثقافة ليتمكنوا من إيصال رسالة للعالم الخارجي.

إثراء المشهد الثقافي

وفي السياق ذاته، يقول مدير الفنون والتراث في الهيئة العامة للشباب والثقافة عاطف عسقول: "المعارض المحلية مهمة لأنها تثري المشهد الثقافي والفني، وتعزز التواصل بين الفنانين وتبادل الخبرات بين الأجيال، كما أنها تعزز النقد الفني المبني على أسس مهنية وعلمية".

ويضيف: "تتيح المعارض الفنية للجمهور المهتم بالفنون فرصة لمشاهدة الأعمال ولقاء الفنانين وجها لوجه والتعرف على تجاربهم وأخبارهم".

ويرى أن المعارض المحلية تمثل نافذة داخلية على العالم الخارجي من خلال تغطية وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية للمعارض المحلية وخاصة الإبداعية، "وفرصة لإظهار الوجه الحضاري والإبداعي لفناني فلسطين المحتلة رغم الحصار والاستهداف ما زال هناك فن وإبداع".

ويوضح أن المعارض المحلية تحمل عناوين قضايا وطنية وإنسانية وبعضًا من القضايا العربية، "وهذا يجعل الفنان الفلسطيني في حال تماس دائم وانصهار مع قضيته وأمته، ويسهم في خلق تواصل ثقافي بين الفنانين الفلسطينيين ونظرائهم العرب".

ويضيف أن المعارض تمنح المؤسسات الثقافية والمختصة بالفنون فرصة للتعرف إلى المبدعين وتسويق أعمالهم وأفكارهم محليًّا ودوليًّا واستقطاب الدعم من أجل إثراء المشروعات والمبادرات الفنية.

وشمل المعرض مزيجًا من الرسومات التي عكست ملامح القضية الفلسطينية من منظور شبابي، حيث جسدت دور النساء الفلسطينيات وآمالهن وآلامهن، فيما صورت مدينة القدس، وخريطة فلسطين، وواقع الشباب والأطفال، واتجه البعض إلى رسم الطبيعة بمختلف مكوناتها.

وضمت اللوحات نساء فلسطينيات يرتدين الثوب التراثي القديم، وإلى جانبهن مُسِن يعزف على آلة الناي، في رحاب مدينة القدس، ويجاوره زهر الحنون وأشجار الرُمان، فيما ركزت العديد من اللوحات على واقع مدينة القدس، ومدى جمال حاراتها وأزقتها وجدرانها التي اكتست باللون البني الغامق، الذي يرمز للعراقة والقِدَم.