نحن اليوم أمام درس طالبان، ماذا يقول الدرس في القراءة الفلسطينية؟! الدرس يقول بالعربي الفصيح المقاومة تنتصر دائمًا على المحتل. المحتل -وإن كان بحجم أمريكا وقوتها- هو إلى هزيمة لا محالة. والمقاومة الوطنية أينما كانت وحيثما كانت هي إلى النصر لا محالة في ذلك. النصر قد يتأخر، وضريبة النصر تتفاوت، ولكن العاقبة نصر من الله وفتح قريب لمن أخلص في العمل لوطنه ودينه وتمسك بمنهج ربه.
ما من شك أن المقاومة الفلسطينية قد قرأت درس أفغانستان قراءة وطنية ترتبط بفلسطين والأقصى، وعلمت أنها ستصل إلى النصر كما وصل إليه الأفغان الذين ثاروا على المحتل الروسي ثم المحتل الأمريكي ثم على العميل الوطني. الأفغان انتصروا لأنهم تمسكوا بسنن الحياة والكون ولم يخونوا قضيتهم مقابل سلطة كرزاي العميلة، وهم الآن وبعد ضريبة وتضحيات كبيرة يدخلون العاصمة منتصرين مستعيدين دولتهم الإسلامية التي عملوا لها منذ نشأتها على يد الملا عمر.
لا يوجد غرابة في نصر الأفغان هذا، وليس في هذا معجزة كبيرة، بل هو حدث يحكي واقع الحياة والأشياء كما حكاه من قبل في عصرنا ثوار الجزائر وثوار فيتنام. المستغرب هو عندنا في ثورتنا الفلسطينية، التي سبقت الثورة الفيتنامية والأفغانية، وكانت أغنى منهما، كيف لم تصل بعد إلى النصر وكيف وصل هؤلاء إلى النصر؟!
إن تأخر نصر الفلسطينيين يعود إما لنوعية الاحتلال الاستيطاني لوطنهم، وإما لعيوب الثورة الفلسطينية، حيث حملت في خفاياها فيروس الفساد ومساومة المحتل والعمل له وكيلًا باسم الوطنية، بينما لا وطنية أصلًا بالعمل وكيلًا لمن يغتصب الأرض ويقتل الشعب؟! كرزاي كان وكيلًا في أفغانستان للمحتل الأجنبي، وقاتل طالبان وغيرها بمساعدة أمريكا والغرب، ولكن الحقيقة تجلّت مؤخرًا بصمود المقاومة الأفغانية وإخلاصها لقضيتها، فسقط الوكيل وفر أشرف غني وريث كرزاي هاربًا من كابل إلى طاجكستان تاركًا العاصمة والقصر يحتفل بدخول طالبان التي وصفها الغرب بالإرهاب والتعصب، واليوم عليه أن يعترف بها دولة إسلامية على ما قررته طالبان في وثائقها.
الدرس العظيم بالفلسطينية يقول نحن أيضا كمقاومة فلسطينية وشعب فلسطيني يرفض الاحتلال ويرفض وكلاء المحتل سنصل إلى الدولة والنصر، حتى وإن وصف اليهود والغرب عملنا وجهادنا بالإرهاب. سنن الحياة والكون لا تتخلف إلا حين يختل ميزانها في نفس المواطن المقاوم، وعند الشعب المقاوم.