موقفان يستحق كل واحد منهما أن يرفع الإعلام الفلسطيني لهما القبعة احترامًا وتقديرًا. الأول لعضو الكونجرس الأمريكي ماري نيومان التي تدعو إلى إنهاء عمليات التهجير الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في سلوان، إذ وصفت النائبة عمليات الطرد للعائلات الفلسطينية بالحقيرة، وطالبت بلينكن وزير الخارجية بالعمل على إنهاء عمليات الهدم والطرد في سلوان.
هذا الموقف الحازم من ماري نيومان لم يقفه أحد من قادة التطبيع العربي مع الاحتلال، وهم الذين زعموا أن تطبيعهم جاء لخدمة مصالح الفلسطينيين وقضيتهم. ماري تستنكر، وتصف عمل الاحتلال بالحقير، وتطالب دولتها بمنع الطرد، وقادة التطبيع يرقدون في نوم عميق، وكأن سلوان ضاحية الأقرب للمسجد لا تعنيهم أن تكون غدا ضاحية يهودية لا مسلمين فيها؟! هدم البيوت وطرد السكان آثار نخوة نائبة أمريكية مسلمة من باب الانتصار للمعاني الإنسانية، وقادة عرب لا ينتصرون لدينهم، ولا لعروبتهم ولا للمعاني الإنسانية؟!
الموقف الآخر هو موقف المصارع الجزائري فتحي نورين الذي قال: "فلسطين أكبر من كل الميداليات وموقفي ثابت من قضيتها ولا نوسخ أيدينا بالتطبيع مع لاعب من كيان مجرم. لست نادمًا لأني انسحبت من أمام لاعب إسرائيلي بل أشعر بفخر كبير". كل التحية لابن الجزائر، الذي عبر عن ضمير الشعب الجزائري، بل عبر عن ضمير كل أبناء الأمة العربية، حاشا المطبعين، الذي هم بمعزل عن أخلاق رجال الجزائر ولاعبيها الأبطال.
درس الجزائر ليس درسا منفردا أو حدثا معزولا، بل هو درس الشعوب العربية عندما تكون حرة في تصرفاتها وفي لغتها وتصريحاتها، وإذا وجدت أصواتًا معاكسة تتغزل بالمحتل وبالتطبيع معه فهي أصوات شاذة، قليلة العدد ولكن لها أصوات مرتفعة، لأن الإعلام العميل يفرد لها مساحات للظهور والقول. وأخير أقول: ما ينفع الناس يمكث في الأرض، وما يضر الناس ويجافي الحق والحقيقة يذهب جفاء، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.