فلسطين أون لاين

بانتخاب إسماعيل هنية رئيسًا لها لولاية ثانية

حماس تجدد "حيويتها" وتؤكد الطابع الشوري والديمقراطي بنظامها

...
إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" (أرشيف)
غزة/ يحيى اليعقوبي:

عوكل: التنوع في القيادة يعبر عن وحدة النظام الداخلي

الجولاني: أطراف إقليمية ودولية تدرك وزن حماس

على سدة القرار السياسي في حماس، انتخب هنية للمرة الثانية رئيسًا للمكتب السياسي، بعدما شغل منذ عام 2007 منصب قائد الحركة في قطاع غزة قبل أن يتركه عام 2017 ليخلفه "يحيى السنوار".

هنية الذي أمضى وقتًا طويلًا في العمل السياسي، اعتقل لدى الاحتلال أكثر من مرة لدى الاحتلال، إذ أمضى في المرة الأولى عام 1987، نحو 18 يومًا داخل السجون الإسرائيلية، في حين اعتقل ثانيًا عام 1988 وأمضى 6 أشهر داخل السجون.

أما المرة الثالثة التي عُدَّت الأطول، فكانت عام 1989، وأمضى فيها هنية نحو 3 سنوات في سجون الاحتلال؛ بتهمة قيادة "جهاز الأمن" الخاص بحركة "حماس".

وفي 6 سبتمبر عام 2003، تعرَّض هنيَّة لمحاولة اغتيال إسرائيلية، على حين كان برفقة الشيخ أحمد ياسين، بقنبلة أطلقتها طائرة حربية على منزلٍ، كان الاثنان موجودين داخله، إلا أنهما نجوا من تلك المحاولة.

في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006، ترأس هنية كتلة "التغيير والإصلاح" التابعة لحماس، والتي حصدت غالبية المقاعد، ليكلِّفه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بتشكيل الحكومة، وهو يعدُّ من أبرز القيادات على المستوى الفلسطيني وتعطيه استطلاعات الرأي تفوقًا على رئيس السلطة محمود عباس في حال ترشحه لرئاسة الشعب الفلسطيني.

صالح العاروري الذي انتخب نائبًا لرئيس المكتب السياسي، ساهم في تأسيس الجناح العسكري لحماس في الضفة، اعتقل وقضى نحو 15 عامًا في سجون الاحتلال، ثم تم إبعاده عن فلسطين، وكان أحد أعضاء الفريق المفاوض لإتمام صفقة وفاء الأحرار.

خالد مشعل الذي انتخب رئيس الحركة في الخارج، شغل منصب رئيس المكتب السياسي للحركة ما بين عامي 1996 و2017، وتم اختياره قائدًا لها بعدما اغتالت (إسرائيل) الشيخ أحمد ياسين.

ولد مشعل في بلدة سلواد بقضاء رام الله، وأكمل تعليمه الإعدادي والثانوي في الكويت، وعمل مدرسًا للفيزياء فيها.

تعرض مشعل يوم 25 سبتمبر/أيلول 1997 لمحاولة اغتيال فاشلة في العاصمة الأردنية عمَّان على يد عميلين من الموساد الإسرائيلي يحملان جوازات سفر كندية، وقد عملا بتوجيهات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

عام 2017م قدم وثيقة حماس السياسية، كانت النقطة الأبرز والأهم فيها هي إعلان الحركة رسميًّا أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة -وعاصمتها القدس– على خطوط 4 يونيو/حزيران 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة.

يحيى إبراهيم السنوار الذي انتخب رئيسًا للحركة في قطاع غزة للمرة الثانية، وهو أحد مؤسسي الجهاز الأمني لحركة حماس المخول بملاحقة عملاء الاحتلال، اعتقل عدة مرات لدى الاحتلال كان أطولها عام 1988 وحكم بالسجن أربعة مؤبدات، جرى الإفراج عنه عام 2011م في صفقة "وفاء الأحرار".

وضع معقد

الأكثر أهمية هنا حسب الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن حماس كحركة مقاومة إسلامية لديها نظام انتخابي -رغم أنه معقد ويحتاج إلى وقت طويل- لكنه متجانس ومنضبط بفتراتٍ محددة، ويعكس تعقيدات الوضع الفلسطيني، بأن تحدث الانتخابات عدة مناطق بالداخل والخارج والسجون، ويحتاج إلى جهد ووقت كبيرين.

يقول عوكل لصحيفة "فلسطين": "القيادات الأربعة في رأس قيادة حركة حماس هي عناوين كانت موجودة بالدورة السابقة، التغير الحاصل بعودة خالد مشعل مرة أخرى لمنظومة القرار السياسي، من ثم نحن أمام قيادة خاضت التجربة في السنوات الأربع واستحقت أن يعاد انتخابها".

يبرز على القيادة الجديدة لحماس التنوع، يتمثل فيها الفلسطينيون من أبناء الحركة في غزة والضفة والشتات والسجون وهي بذلك تثبت أن حماس لكل أبناء شعبنا ومتجذرة في كل أماكنه تخوض النضال ومعركة العودة والتحرير من كل الميادين.

يعلق عوكل على ذلك، بأن هذا التنوع أمر واقعي في الشارع الفلسطيني كواقع حركة وتنظيم سياسي لا تستطيع تجاهل مكونات الشعب الفلسطيني وأن يكون لها صفات تمثيلية في مستوى القرار بأن تكون وسط التجمعات الفلسطينية سواء بغزة أو الضفة أو الشتات.

وأضاف: "هذا التوازن لا يستثني جهد أي تجمع فلسطيني، يعبر عن وحدة النظام الوطني الفلسطيني وتمثيلها في الإطار السياسي، وهذا التنوع مناسب للحفاظ على وحدة نضال التجمعات الفلسطينية في إطار حماس، يعكس هموم الحركة والشعب في فروعها بمختلف مناطق الوجود الفلسطيني".

وتابع عوكل: "نتحدث عن قيادة لديها تجربة طويلة في السياسي والعسكري عكست طبيعة التوازنات داخل الحركة والطابع الجغرافي لها بمعنى أن حركة حماس في غزة، الفرع الأكثر نشاطا وتأثيرا وتصادما مع الاحتلال وإسماعيل هنية بالأداء الذي قدمه استحق أن يكون رئيس المكتب ما دام أن غزة ستبقى الموقع الرئيس لقرار الحركة".

وأردف: "المنطق يقول إن رئيس المكتب السياسي لحماس يجب أن يكون من غزة بسبب هذا الدور، وواضح أن هنية يحظى بالأولوية وإعادة انتخابه دليل أن تجربته كانت جيدة".

تبرز أمام القيادة الجديدة لحماس تحديات فلسطينية داخلية عديدة أبرزها الانقسام الفلسطيني ما يستوجب مبادرات عميقة حتى لو تضمنت تقديم تنازلات، وتعطل ملفات الإعمار والمنحة القطرية وقضية الجنود الإسرائيليين مما يتطلب التمسك ببناء الوحدة.

تحدٍّ عربي ودولي

الكاتب والمحلل السياسي الأردني عاطف الجولاني رئيس التحرير الأسبق لصحيفة "السبيل" يقول: "بلا شك حماس نجحت في تجديد حيويتها وتأكيد الطابع الشوري والديمقراطي في عملها إذ أنهت كلَّ المراحل الانتخابية، وهذا بالتأكيد يساعدها في التعامل مع مختلف الملفات بصورةٍ أفضل، وتكون قادرة على إدارة مهامها في الداخل الفلسطيني ومنظومة علاقتها بصورة أكبر، يساعدها في ذلك الانتصار الذي حققته مؤخرًا في معركة سيف القدس".

وأضاف الجولاني لصحيفة "فلسطين" أن حماس تستجمع كل نقاط قوتها على صعيد القوة التنظيمية والأداء والإنجاز، متوقعًا أن تتعامل أطراف إقليمية ودولية بصورة مختلفة معها، بعضها بالتقارب المباشر، وبعضها سيبقى مترددًا أو يتعامل معها من "تحت الطاولة" وهذه مستويات تختلف حسب ظروفها ومعطياتها.

تدرك أطراف إقليمية ودولية، أن وزن حماس في المعادلة السياسية تطور وزاد كثيرًا في الآونة الماضية مما يحتم التعامل معها بشكل أكبر، بحسب الجولاني، معتبرًا انتهاء الانتخابات إعادة تموضع جديد للحركة في تطوير علاقتها مع المنطقة والشعوب العربية، فباتت "نموذجًا في مجال الديمقراطية الداخلية وفي مجابهة الاحتلال وتمثل رمزية القضية لدى الشعوب العربية".

ويرى أن الحركة قدمت رموزًا قيادية وازنة لإدارة أعمالها وأن الحيوية والسلاسة التي تمت تشير لحالة وأدوار مختلفة بالقطاعات الجغرافية، وهي تتقدم نحو المرحلة المقبلة موحدة الصف تستجمع نقاط القوة الداخلية وحضورها لدى الشعوب العربية بعد انتصار سيف القدس والتي انتصرت فيها الحركة في نظر الشعوب العربية.

التحدي الأبرز للحركة عربيًّا وإسلاميًّا، وفق الجولاني، موضوع التطبيع وعلاقات الاحتلال مع دول وأنظمة عربية وهذا تحدٍّ أمام الشعب الفلسطيني ككل وليس حماس، دوليًّا هناك "تفاعل مع الشعب الفلسطيني في العدوان الخير بشكل غير مسبوق، لكن بعض الحكومات الغربية ما زالت مترددة بالتعامل مع حماس وتنحاز للاحتلال وهنا يبرز التحدي أمام حماس باختراق الموقف الدولي".