حصار مطبق يعيشه حي الشيخ جراح منذ أبريل الماضي، ضمن مضايقات الاحتلال الإسرائيلي لسكانه في محاولة لإجبارهم على إخلاء بيوتهم والاستيلاء عليها لصالح تنفيذ مشاريع المستوطنين التهويدية.
لكن الأهالي الذين صمدوا بدعم شعبي فلسطيني ودولي ما زالوا يواجهون معركة قضائية في أروقة محاكم الاحتلال، حيث ترفع ضدهم قضايا لم ينتهِ البت فيها بعد، ما أوقعهم في حالة قلق وترقب خشية غدر قضائه، وفق ما يبين مواطنان من الحي لـ"فلسطين":
كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، قمعت أول من أمس، وقفة تضامنية نظمت إسناداً للعائلات المهددة بالإخلاء القسري من منازلها في الشيخ جراح.
وتعقد محكمة الاحتلال العليا اليوم الاثنين جلسة استماع للنظر في الاستئناف الذي تقدم به محامو عائلات الحي ضد قرار الإخلاء الصادر عن المحكمة المركزية، والذي قُدِّم قبل نحو أشهر، ولم تعطِ المحكمة العليا ردها على قبول أو رفض الاستئناف.
وفي تصريح صحفي، أمس، قال زكريا عودة منسق الائتلاف الأهلي لحقوق الإنسان في القدس: إن جلسة اليوم ستحدد توجه المحكمة والنظام القضائي لحكومة الاحتلال تجاه قضية الشيخ جراح.
حالة ترقب
المواطن كرمل القاسم (35 عاما) صاحب أحد البيوت المهددة بالإخلاء يبين أن منزلهم الذي يضم بين جنباته ثمانية أشخاص يعيشون حالة ترقب لما سيحدث خلال جلسة المحكمة، قائلاً: "الاحتلال يماطل في إنهاء قضيتنا فنحن نعيش في أروقة المحاكم منذ عام 1972م".
وأشار إلى أن أهالي الحي يعيشون في توتر بعد اشتداد الإجراءات العسكرية ضدهم منذ أبريل الماضي بعد أن هدأت وتيرتها في إثر صمودهم والتضامن الفلسطيني والعربي والدولي معهم.
وقال: عادت الأوضاع للتوتر في إثر اقتراب موعد جلسة المحكمة العليا للبت في أمرنا، فقد قمعت قوات الاحتلال فعالية تضامنية يوم السبت وقبلها بيوم قمعت فعالية مماثلة لفلسطينيي الداخل.
ولفت القاسم إلى أن سلطات الاحتلال تستخدم أسوأ الأساليب في قمعهم، إذ رشت أهالي الحي والمتظاهرين بمياه الصرف الصحي، في حين منعت سكان الحي السهرَ أمام بيوتهم ليكون ذلك جزءاً يسيراً من الإجراءات القمعية ضدهم.
ويعبر عن عدم ثقته بإمكانية أن تنصف "المحكمة العليا" أهالي الحي، عادّا أن أفضل قرار يمكن أن تتخذه هو تأجيل البت في القضية.
وأضاف: "في ظل ذلك نحن نعيش حياة صعبة جداً، فالحي منطقة عسكرية مغلقة يمكث فيه جنود الاحتلال على مدار الساعة".
وتابع: "لا نخرج ولا ندخل للحي سوى بفحص هوياتنا الشخصية، في حين يُسمح للمستوطنين بالدخول للحي متى شاؤوا". وشرح أكثر بهذا السياق: "لا يزورنا أحد من أقاربنا، وإذا أدرنا مقابلة أحدهم فإننا نخرج للشارع العام خارج الحي للقائه، حتى الصحفيون يُمنعون الدخولَ".
ولا يتوقف الأمر عند منع دخول الفلسطينيين للحي، بل إن الأهالي باتوا يخشون الخروج منه خشية أن يقتحم الاحتلال البيوت أو يعبث بها، فمن المستحيل أن يخرجوا جميعاً لأي مناسبة كانت، كما يقول القاسم.
وأشار مثلا إلى أنه في إحدى المرات "خرجنا جميعًا فوجدنا أن جنود الاحتلال اقتحموا المنزل وفتشوه وأشعلوا حريقاً فيه".
وانعكس ذلك على مناسباتهم الاجتماعية حتى السعيدة منها كما حدث الشهر الماضي في زفاف شقيقته التي تعرضت للحبس المنزلي مدة خمسة أيام قبيل أيام معدودة من زفافها في إثر جدال نشب بينها وبين جنود الاحتلال المتمركزين على مدخل الحي.
لكن في مقابل كذلك، يشدد على أن أهالي الحي يستمدون قوتهم من كونهم أصحاب حق لم يأخذوا البيوت عنوة ومؤمنين بعدالة قضيتهم، في حين لا يملك المستوطنون أي أوراق تثبت ملكيتهم للأراضي.
في حين يخشى المواطن يعقوب أبو عرفة من سكان الشيخ جراح أن ينجح الاحتلال في إخلاء أي من بيوت الحي السبعة المهددة بالإخلاء، "فذلك يعني أن المصير ذاته سيشمل بقية البيوت الـ28، ومن ضمنها بيته".
ويلفت الانتباه لوجود حالة ترقب شديدة لدى سكان الحي لقرار محكمة الاحتلال بخصوص البيوت الأربعة المهددة بالإخلاء (سبق أن جمدت إخلاء البيوت الثلاثة الأولى خشية ردة الفعل الفلسطينية والدولية)، متوقعًا أن تلجأ قوات الاحتلال لتأجيل أو تجميد قرار الإخلاء.
وأعرب عن أمله في أن تقوم المحكمة بفتح ملف ملكية الأرض (أرض الحي) الأمر الذي سيعني أن السكان سيربحون القضية نهائيًّا لكونهم يملكون أوراقا تثبت ملكيتهم لها، قائلاً: "لكنهم طوال هذه السنين يتهربون من فتح هذا الملف ويحاولون إخلاءنا لفرض أمر واقع لصالح المستوطنين".
ويعد أن صمود أهل الحي ودعم المقدسيين وفلسطينيي الداخل لهم كان له أثر كبير في قرارات حكومة الاحتلال وقضائه ودفعه إلى تأجيل قرارات الإخلاء، خاصة أن الحراك الفلسطيني لقي أصداء واسعة في عدد من دول العالم التي حذرت الاحتلال من إخلاء الحي.
وتابع أن "صمود أهالي الحي مُشرِّف، ونحن مصممون على البقاء في بيوتنا، وأن نعمل كل ما بوسعنا للحفاظ عليها".