فلسطين أون لاين

​أجود بالخير من الريح المرسلة

نحمد لله (عز وجل) على نعمة الإسلام، ونسأل الله (عز وجل) أن يوفقنا إلى طاعته، ويجعلنا ممن يقتدون برسول الله (صلى الله عليه وسلم) في جوده وكرمه؛ فقد وصفه ابن عباس (رضي الله عنه) فقال: "كان النبي (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل (عليه السلام) يلقاه كل ليلة في رمضان، حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) القرآن، فإذا لقيه جبريل (عليه السلام) كان أجود بالخير من الريح المرسلة".

أخي القارئ الكريم، نتفيأ ظلال صفقة جديدة من الصفقات الرابحة في تجارتنا مع الله، مقتفين أثر رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وهي الإنفاق في سبيل الله (عز وجل)، والإكثار من الصدقة, وأن نجعل لأنفسنا في كل يوم صدقة، ولو كانت كشق تمرة، فهذا عدي بن حاتم يروى لنا: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها، ثم ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها، ثم قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة".

واجتهد أن يجتمع مع صيامك نفقتك، كن مقتديًا بصديق الأمة خليفتها الأول، فهذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجتمع بأصحابه يتفقد أحوالهم ويتعرف إلى طاعتهم لربهم وقربهم منه، فيقول: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟"، قَالَ أَبُو بَكْرٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): "أَنَا"، قَالَ: "فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟"، قَالَ أَبُو بَكْرٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): "أَنَا"، قَالَ: "فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟"، قَالَ أَبُو بَكْرٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): "أَنَا"، قَالَ: "فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟"، قَالَ أَبُو بَكْرٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): "أَنَا"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): "مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ".

فها أنا أحثك _أخي الكريم_ أن تتفيأ ظلال صفقة جديدة لا يخفى عليك أنها عظيمة رابحة في تجارتك مع ربك، واعلم أن ما تنفقه وتتصدق به يقع في يد الله قبل أن يقع في يد الفقير، فيضاعفه أضعافًا مضاعفة، وإلى هذا أشار رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فقال: "مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللهِ إِلَّا طَّيِّبٌ، فَإِنَّ اللهَ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ", وإن ما يدفعك إلى أن تنافس في إبرام هذه الصفقة مع الله خوفك أن تموت قبل أن تنفق مما رزقك الله، قال (تعالى): "وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ".