فلسطين أون لاين

​نبي الرحمة في ميلاده لنحيا بالرحمة

في ذكرى ميلاده الشريف نعيش أيها القارئ الكريم صفة من صفاته وخلقا من أخلاقه صلى الله عليه وسلم. البشرية جمعاء في أمس الحاجة إليه، إنه خلق الرحمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم ولد وأشرق بميلاده نور الرحمة والتي كانت تنبعث في كل قول أو فعل أو تشريع أو أمر أو نهي جاء به، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107، هذه الرحمة التي تفتقدها البشرية.. وإن مظاهر الجبروت والكبر والاستعلاء وسلب الحريات المتوجة بالاستبداد المروي بدماء الأبرياء ليُشبع تغطرس أصحاب الكراسي والمناصب ويحافظ على هذه الكراسي لتدل دلالة واضحة على بعدهم عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وخاصة خلق الرحمة الذي منحه الله إياه، وكان السر لفتح قلوب الناس واستجابتهم لما جاء به من عند ربه. قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }آل عمران159، فبقدر ما يملك الناس من الرحمة تتنزل عليهم من الله، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك خلق الرحمة كان لهذا الخلق أثره على البشرية، بل قل على العالمين؛ الإنس والجن والحيوان والجماد وقبلهم عالم الملائكة، فهو الذي تضرع لربه أن يهدي قومه رغم كثرة إيذائهم له ولأصحابه، وكذا رحمته كانت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار مع من أخطأ من أصحابه وفي موقفه مع حاطب الذي كاد أن يكشف سر خروج النبي صلى الله عليه وسلم لأهل مكة فقال له عمر بن الخطاب رضى الله عنه ‏:‏ يا رسول الله فلأضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق‏.‏ فرد الرحمة المهداة‏:‏ (‏وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر، فقال‏:‏ اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم‏‏‏)‏‏.‏ وكان عليه الصلاة والسلام يجسد خلق الرحمة في تعامله حتى مع الصغار ليعلم أصحابه هذه الرحمة فيقول مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حق كبيرنا، فليس منا، ويقبّل الحسن في وجود أعرابي فيقول هذا الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم: أتقبّلون الصبيان؟! فما نقبّلهم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما أملك لك إن نزع الله الرحمة من قلبك؟)، ونحن أمام هذه القسوة التي تعيشها البشرية من جبابرة نزعت الرحمة من قلوبهم، ومعلوم أنها لا تنزع إلا من شقي. بهذا أخبر نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، أن نجتهد في تربية أنفسنا على هذا الخلق الراقي الذي به حياة الأمة ومخرجها من أزماتها وكسر قيود المستبدين وتفكيكه وحينها تنعم البشرية بالأمن والأمان والسلم والسلام. قال صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.