فلسطين أون لاين

​الروتين يسيطر على الأجواء في أمريكا

في الغربة .. شوق إلى رمضان غزّة

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

اعتاد محمد الباز منذ سنوات طفولته الأولى أن يتجهز بطقوس رمضانية خاصة لاستقبال شهر الصيام، بعدما يترقب ثبوت هلاله على أحر من الجمر، لكن تلك الأجواء الرمضانية على جمالها بات يفتقدها ويشتاق إليها في غربته، فلا فوانيس ملونة معلقة في الشوارع، ولا زينة متلألئة بالأضواء الخافتة.

وخرج الباز (21 عامًا) من قطاع غزة لإكمال دراسته بدرجة البكالوريوس بعد حصوله على الثانوية العامة، إذ يعيش منذ عام 2013م في ولاية كاليفورنيا التابعة لمدينة لوس أنجلس الأمريكية، بغية استكمال دراسته في جامعة (Bridgewater college).

تحدثنا إلى الباز لنسأله عن أجواء رمضان بالغربة، فأجاب: "نفتقد الأجواء المصاحبة لإعلان رؤية الهلال، كتبادل التهاني بين الأهل والأحباب، وأداء أولى صلوات التراويح في مسجد المنطقة، ونستعيض عن ذلك بالاتصال هاتفيًّا بالعائلة أو محادثتهم عبر منصات التواصل، لذلك تجربتي بالغربة تفتقد نكهة وبهجة حلول رمضان".

وتابع الباز حديثه بوصف مجريات يومه الرمضانية منذ ساعات السحور، التي تخلو من صوت وتراتيل المسحراتي الذي يتولى مهمة إيقاظ الصائمين قبل الفجر ليتناولوا الطعام قبل الإمساك، حتى حلول موعد الإفطار بعد قرابة خمس عشرة ساعة من الصيام في النهار.

النفس الطيب

وقال الشاب العشريني لصحيفة "فلسطين": "أعتمد على ساعة المنبه للاستيقاظ، ثم أتجهز للذهاب إلى العمل عند الساعة السابعة صباحًا، وأعود إلى البيت في التوقيت نفسه، ولكن مساء، لتبقى ساعة واحدة تفصلنا عن أذان المغرب"، مبينًا أنه يعتمد على الوجبات السريعة في تناول الإفطار والسحور أيضًا.

"وهل الأطعمة الفلسطينية حاضرة على مائدتك؟"، عن سؤالي هذا أجاب بعدما مال صوته إلى الابتسامة: "صراحة أحن إلى العديد من الأكلات والمشروبات التي تعطي سفرة رمضان رونقًا خاصًّا لا يكاد يتكرر في باقي أيام العام، ولكن _يا للأسف_ هنا تغيب تلك الأكلات الفلسطينية، وإن حضرت تفتقد النفس الطيب".

ويستذكر الباز آخر رمضان قضاه بين أهله قبل الغربة، عندما كان أفراد العائلة يتعاونون على تحضير الطعام وترتيب المائدة، وقبل رفع الأذان بدقائق معدودة كانت العائلة تلتم حول سفرة الطعام، ويُصار إلى تبادل الأحاديث والأدعية إلى أن حين موعد رفع الأذان من مأذنة مسجد السلام القريب من منزلهم، في مخيم دير البلح، وسط القطاع.

وفي الغربة يحاول الباز إحياء بهجة أيام وليالي رمضان بالاجتماع مع أبناء الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة، وقضاء جلسات سمر في المتنزهات والأماكن العامة تعود بهم إلى ذكريات أوطانهم والطقوس الرمضانية لكل فرد فيهم.

وينتهي اليوم الرمضاني لدى الباز بأداء صلاتي العشاء والتراويح في المصلى بالمجمع السكني، الذي يضم بين أركانه أفرادًا من دول وأعراق إسلامية متعددة، مشيرًا إلى أن فلسطين وقضايا غزة حاضرة في جلسات الجاليات.

حنين إلى غزة

وإن كان للعشرة الأواخر من رمضان رونق مميز في غزة، حيث يقضي المصلون ليلهم في العبادة والتقرب إلى الله حتى مطلع الفجر، وتزدحم الأسواق التجارية بالعائلات التي تصحب أطفالها لاشتراء ملابس العيد؛ فإن الباز يصفها بالأيام العادية.

وعلق على ذلك: "بعد العام الأول في الغربة تبدأ فقدان الشعور برمضان وأيامه، ويسيطر الروتين على الأجواء، ولكن ربما الأمور قد تختلف بعض الشيء في المدن والتجمعات الأخرى حيث تكون نسبة المسلمين كبيرة، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وتعقد الموائد الجماعية".

وعلى وقع حنين الباز إلى عادات وتقاليد رمضانية طالما ارتبطت بالوطن يتمنى الباز العودة إلى القطاع لقضاء أيام شهر الصيام بين أهله، لكن إغلاق معبر رفح الحدودي الذي يعد المنفذ البري الوحيد لسكانه إلى العالم الخارجي يقف عائقًا أمام تحقيق رغبته تلك.

وتتميز مدينة "شيكاغو" بأجواء رمضانية تختلف عن باقي المدن كون الجالية المسلمة بها كبيرة العدد وتضم عشرات المساجد، إذ تقيم إفطارًا مجانيًّا جماعيًّا وقت الإفطار، وتنظم الاحتفالات الخاصة لاستقبال الشهر، وتنتشر ظاهرة الزيارات بين العائلات الإسلامية المقيمة في المدينة.

ويقدر عدد المسلمين في الولايات المتحدة بـ3.3 مليون نسمة من كل الأعمار، يعيشون في مختلف الولايات الأمريكية، وهذا يعني أنهم يشكلون نحو 1% من إجمالي سكان البلاد.