لم تنتهِ معركة سيف القدس بعد، توقَّف القتال وإطلاق النار لكن المعركة مستمرة في ساحات أخرى. حكومة بينيت الضعيفة تدير معركة الحصار والانتقام مع غزة ومع حركة حماس. غزة تريد معابر مفتوحة، وتريد إدخال مواد إعادة الإعمار دون استثناء، وتريد تبادل ذي مغزى في ملف الأسرى. وحكومة بينيت ترفض إدخال مواد إعادة الإعمار، وتريد أسراها اليهود في مقابل إعادة الإعمار. المواقف متناقضة، والطرف المصري يحاول تقريب وجهات النظر، والتدرج في الخطوات، ولكن غطرسة القوة في (إسرائيل) تعرقل عمل الدور المصري.
يقول بني غانتس مخاطبًا غزة: "نحن بشر، وسنفعل كل ما هو ممكن من وجهة نظر إنسانية، لكننا سنسمح بتطوير القطاع فقط، بشرط عودة الجنود الأسرى"، وأضاف: "الحكومة الحالية لا تقل قوة عن سابقتها"، هذه الأقوال هي جزء من عملية مواصلة المعركة الأخيرة، حيث تحاول حكومة بينيت الضعيفة إصابة ما عجزت عن تحقيق طائرات الجيش.
غانتس كان وزيرًا للحرب في الحكومة السابقة، وهو ما زال وزيرًا للحرب في الحكومة الحالية، وهذا الجنرال استخدم كل ما يستطيع من قوة تدميرية لتحقيق أهداف حكومته في غزة، ولكنه لم يحقق أهدافه، وما تحقق كان محدودًا، ولأنهم فشلوا لجأوا إلى تعميق الحصار وتشديده، وربط إعادة الإعمار بملف الأسرى، كي تطول مدة الحصار.
غانتس هذا يعلم أن المجتمع الدولي يرفض سياسة القوة العسكرية، وسياسة الحصار، لذا هو يتحدث بلغة الجمعيات الإنسانية، فيقول: (نحن بشر ونريد مساعدتكم على تطوير غزة)، وهذه أقوال كاذبة، فمن يزعم أنه ينتمي للإنسانية لا يقصف غزة بأطنان المتفجرات التي تجاوزت قوة القنبلة الذرية، ولا يقصف الأبراج السكنية بذريعة وجود شقة تتبع بعض أعمال المقاومة. الأبراج السكنية العالية متعددة الطوابق يسكنها مدنيون وأطفال ونساء، وقصفها وتدميرها عدوان يهدف الانتقام لا الدفاع، وهو عمل متعمد لتعظيم خسائر الشعب، وبعد ذلك يأتي الحصار استكمالًا للمعركة.
غزة لا ترى في عمل غانتس وحكومته أي إنسانية، وأعمالهم تدل على أنهم ليسوا بشرًا، بل هم قتلة أطفال ومدنيين، وأعمالهم البربرية تصغر أمامها أعمال جينكيز خان قديمًا وأعمال هتلر حديثًا. غزة وفلسطين تقاوم أسوأ احتلال عرفه العالم، وتقاوم دولة عنصرية لا مثيل لها في عنصريتها لأنها ذات قوة عسكرية متفوقة.