هل بدأت عملية عودة علاقات المملكة العربية السعودية مع حركة حماس؟ هذا سؤال تولّد بعد لقاء فضائية العربية السعودية مع خالد مشعل قائد حماس في الخارج في برنامج حواري. كان اللقاء ساخنا وفيه كثير من الأسئلة الحرجة، ولكن الأهم فيه أن خالد مشعل خاطب المملكة بلغة رقيقة مشيدا بدورها في دعم القضية الفلسطينية، قائلا إن حماس لا تتجاوز أمتها العربية ولا تنحاز لأعداء العرب البتة.
ما من شك أن المملكة تاريخيا قدمت مساعدات للشعب الفلسطيني، وساندت قضيته في المحافل الدولية، وفي مجالات السياسة الدولية، وهذا واجب قومي مقدر، ولكن في الآونة الأخيرة من حكم الملك الراحل عبد الله، دخلت علاقة المملكة مع حركة حماس في أزمة، لا سيما بعد انهيار اتفاق مكة بين فتح وحماس، وقيل يومها إن عباس مارس السحر في تسويد علاقة المملكة بحماس من خلال جولات نقل أخبار كاذبة وملفقة ضد حماس، سواء في مجال انهيار اتفاق مكة، أو في علاقة حماس مع إيران.
نجحت أكاذيب عباس كما تقول مصادر مقربة من حماس من خداع المملكة، ولكن حبل الكذب قصير مهما طال وامتد، وحبل الصبر قوي متين، وعاقبته جيدة، وقد لاذت حماس بالصبر، وهي تدرك أن علاج العلاقات الخارجية في وضع كهذا يحتاج إلى صبر جميل، واستعانة بالله.
نعم، يوجد في معتقلات المملكة الآن مجموعة من مؤيدي حركة حماس بتهمة مساعدة تنظيم خارجي، وقيل إن المجموعة المعتقلة وصلت إلى بضعة وستين معتقلا، ولكن حماس سلكت طرقا أخوية ودبلوماسية للإفراج عنهم، دون المساس بسمعة المملكة وتاريخها.
يبدو أن حصاد برنامج (الصبر الجميل)، قد اقترب، فعسى أن نشهد في الأيام القادمة عملية إفراج عن المعتقلين. نحن نتوقع هذا من الملك ومن ولي العهد.
حماس بصفتها حركة تحرر وطني فلسطيني، في حاجة لعلاقة جيدة مع المملكة، وهي في حاجة لعلاقات متوازنة مع جميع دول المنطقة في مجالات العلاقات الخارجية، وقد عبر عن هذه السياسة بلغة فذة وواضحة خالد مشعل في لقائه الأخير على العربية، ولم يخرج عن الميزان رغم استفزازات المذيع التي تذهب بذوي الأحلام.
إذا كانت المؤثرات السلبية قد بدأت تتآكل، فإن المؤثرات الإيجابية التي جاءت من مخرجات معركة (سيف القدس) بدأت تتراكم في ساحة المملكة وساحات عربية أخرى، وبدأت لعبة التطبيع تتراجع لصالح التمسك بتاريخ المملكة الموروث، على حساب مغريات التطبيع الكاذبة، التي خدعت قيادات عربية في آسيا وإفريقيا، وهذا يعني أن عودة الدفء للعلاقة مع حماس قد تكون قريبة، لا سيما مع قيادة مشعل الحركة في الخارج، حيث يحظى باحترام شخصي جيد في المملكة.