فيما يحيي جيش الاحتلال الذكرى السنوية الـ15 لحرب لبنان الثانية، تظهر المزيد من أوجه القصور لديه، المتركزة في عدم الجاهزية، ونقص التواصل بين الأسلحة والاستخبارات، مما ترك في الرأي العام الإسرائيلي شعورًا مدويًّا وفشلًا ذريعًا بعد إخفاق الجيش في كسب المعركة.
نتيجة التحركات العسكرية عقب تلك الحرب، نشأ توازن ردع متبادل بين (إسرائيل) وحزب الله في السنوات الأخيرة، وبدا كلاهما غير مهتم بمواجهة واسعة النطاق في هذا الوقت، لكن الافتراض المعقول أن المواجهة قد تندلع في أي وقت، حتى لو كانت نتيجة حادثة تكتيكية، ويكفي أن نذكر حالة التأهب القصوى في (إسرائيل) قبل بضعة أشهر فقط، بعد أن هدد الحزب بالانتقام لقتل أحد عناصره في هجوم داخل سوريا.
القناعة الإسرائيلية أن الحرب اللبنانية القادمة لن تشبه سابقاتها، بسبب الدروس المستفادة لدى جيش الاحتلال خلال هذه السنوات، والخطط العملياتية المحدثة، وتدريب القوات والمعدات في الأنظمة الحديثة، تعطي تقديرًا أنه رغم جميع القيود، قد يتصرف جيش الاحتلال بشكل مختلف في المرة القادمة، في ظل توفر معلومات استخباراتية حديثة في الوقت الفعلي، بعد أن ظهرت قضية الاستخبارات المفقودة في كل تحقيق بعد صيف 2006.
شكلت حربا غزة الأخيرتان 2021 و2014، بنظر جيش الاحتلال الإسرائيلي، نموذجًا مصغرًا للحرب القادمة في الشمال، جعلته يستعد لدفاع قوي للغاية على طول الحدود، رغم أن السؤال الرئيس الذي يجب طرحه هو ما إذا كان الجيش البري اليوم، الذي لم يتم استخدامه على نطاق واسع لسنوات عديدة في حالة جاهزية كافية، في ضوء إحجامه المتكرر عن المناورة وما يصاحبها، مكتفيا بإنجازات سلاح الجو.
تخشى النخبة العسكرية والسياسية الإسرائيلية بشدة من وضع القوات البرية في المعركة، لأن كفاءتها لم تثبت في السنوات الأخيرة من جهة، ومن جهة أخرى نظرًا لحساسية المجتمع الإسرائيلي، مما دفع جيش الاحتلال لمواصلة تطوير استخدام القوة الجوية بشكل كبير في الحرب، وإذا كان لديه عشية حرب لبنان الثانية مئات الأهداف للضربات الجوية، فإن البنك المستهدف لجيش الاحتلال يضم اليوم آلاف الأهداف.
خلال المواجهة اللبنانية القادمة ستكون الجبهة الإسرائيلية عرضة لسقوط أربعة آلاف صاروخ وقذيفة يوميًّا، صحيح أن القبة الحديدية ستوفر حلاً جيدًا، لكن على عكس التوقعات الإسرائيلية فلن تكون قادرة على اعتراضها جميعًا، مما يجعل جيش الاحتلال قلقا للغاية بشأن الفجوة الكبيرة بين التوقعات، وما يتوقع حدوثه في الحرب، لأن أحد دروس حرب غزة هو محاولة إيجاد حل أكثر فعالية لإطلاق الصواريخ في أراضي العدو.
هناك نقطة ضعف تتمثل بالإعلام والدعاية، فحتى لو انتصر جيش الاحتلال عسكريًّا في الحرب اللبنانية القادمة، فلن يكون ذا مغزى في غياب الإعلام، وقد يعيد الشعور بالخيبة ذاتها منذ 2006.