فلسطين أون لاين

تقرير بين عامي 1994 و2021.. عائلة أبو غنام تعيش مرارة الهدم مرتين

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ جمال غيث:

أمضت عائلة أبو غنام، في بلدة الطور بمدينة القدس المحتلة، ليلتها الثانية في إفراغ منزلها المكون من ثلاث طبقات وهدمه ذاتيًا بأمر من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تفاديًا لدفع 150 ألف شيقل بدل تكاليف عملية الهدم في حال نفذتها بلدية الاحتلال.

وشردت عائلة أبو غنام المكونة من 20 فردًا، مرتين، الأولى عام 1994، والثانية أمس الأول، بعد إجبارها على هدم بنايتها السكنية، بحجة البناء دون ترخيص.

في المرة الأولى وقف أفراد العائلة أمام منزلهم والغضب يتملكهم يراقبون بألم هدمه وتناثر حجارته، في محاولة إسرائيلية لتهجيرهم من المكان من أجل الانقضاض على القدس والمسجد الأقصى المبارك، وفق محمد أبو غنام.

أما هذه المرة فأخرجت العائلة جميع أثاث المنزل، وباشرت عملية الهدم بنفسها تجنبًا لقيام بلدية الاحتلال بهذه المهمة وتغريمهم مبلغًا كبيرًا لا يقدرون على تسديده؛ ما يعرضهم للمساءلة والمحاسبة الإسرائيلية التي لم ترحم كبيرهم ولا صغيرهم.

ويقول أبو غنام لصحيفة "فلسطين": أصدرت بلدية الاحتلال قرارًا بهدم المنزل عام 2019، وعقدت المحكمة جلسة واحدة أقرت فيها الهدم، ورفضت أي تجميد أو تأجيل للعملية في محاولة لترخيصه.

وحاولت العائلة الاستئناف على القرار، لكن بلدية الاحتلال رفضت الاستئناف وأقرت الهدم في 6 مايو/ أيار الماضي، لافتًا إلى أن بلدية الاحتلال حضرت الخميس الماضي برفقة جرافات من أجل تنفيذ الهدم، وبعد محاولات توصلنا لاتفاق بتجميد القرار لأسبوع من أجل هدم المنزل ذاتيًّا.

ورغم مرارة الخطوة، اضطر أبو غنام وأفراد عائلته لهدم المنزل الذي يؤوي ثلاث أسر قبل أن يشردوا ويصبحوا بلا مأوى بقرار عنصري جائر، في وقت تتوسع فيه المستوطنات وتسلب منازل المقدسيين.

يقول أبو غنام: "أصحاب الأرض يحرمون البناء والتوسع، في حين يسمح للمستوطنين سلب الأراضي وتهجير المقدسيين والاستيلاء على منازلهم بحماية شرطة الاحتلال".

ولفت إلى أن عائلته حاولت مرارًا الحصول على ترخيص للمنزل، لكن سلطات تفرض شروطا تعجيزية عليهم، "ومهما لبى المقدسيون هذه الشروط ستكون النهاية الهدم لذرائع متعددة".

وإذ يؤكد أبو غنام أن بناء منزل ليسكنه الإنسان ليس جريمة، يصر على إعادة بناء منزله، قائلًا: "هدموا المنزل عام 1994، وأعدنا بناءه عام 2014، ثم أعاد الاحتلال هدمه للمرة الثانية عام 2021 وسنعيد بناءه مجددًا، ولن نتنازل عن أرضنا، فهم يهدمون ونحن نبني ونقعد في أرضنا".

ويعود الرجل الأربعيني بذاكرته إلى الوراء قبل 27 عامًا، عندما اقتحمت قوات وجرافات الاحتلال منزلهم، في أثناء نومه وهدمته للحجة ذاتها، وقبل أيام كررت العملية وأجبرتهم على هدم منزلهم.

ومضى إلى القول: "كنت طفلًا عندما هُدِم منزلنا أول مرة، وها هم أطفالي يعيشون اللحظة ذاتها، يتكرر وجعي وألمي وأنا أراقب سنوات عمري وأحلام أطفالي وعائلتي تهدم بقرار إسرائيلي عنصري".

ويتساءل أبو غنام: "أين القرارات والقوانين الدولية تجاه ما يحدث في مدينة القدس؟! وأين القوانين التي تكفل حق المسكن والعيش بكرامة؟! ولِمَ الجميع يقف مكتوف الأيدي تجاه جرائم الاحتلال التي تخالف كل القوانين الدولية؟".

ويقول بحزن: أطفالي كانوا بعمري واليوم يتكرر الوجع وهم يراقبون هدم منزلهم (...) وين نروح؟ الاحتلال يهدم أحلامنا".

عقاب المقدسيين

ويؤكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل الفرص والأجواء من أجل تهويد المدينة المقدسة، ومعاقبة المقدسيين خاصة بعد معركة "سيف القدس" وارتفاع معنوياتهم، ومحاولة كسر روحهم المعنوية التي ارتفعت بعد المعركة.

ويقول لصحيفة "فلسطين": إن تغير نظرة المقدسيين والانتصار لهم في معركة سيف القدس، أدى لإمعان الاحتلال في عدوانه من أجل كسر شوكتهم من خلال هدم منازلهم واعتقالهم ومحاولة السيطرة الديموغرافية على القدس.

ويبين أن سلطات الاحتلال تتذرع بهدم منازل المقدسيين بحجة البناء غير المرخص وعدم الحصول على التراخيص اللازمة في محاولة منها لإحكام قبضتها على القدس ومنع المقدسيين من التمدد.

وحث المقدسيين على الثبات والصبر ومواجهة الاحتلال وإجراءاته العنصرية، داعيًا إلى تعزيز صمود المقدسيين بالوحدة وتجنب الخلافات الحزبية والفصائلية بينهم بحيث يصبح المقدسيون حزبًا واحدًا لمواجهة الجرائم الإسرائيلية، وإنشاء مؤسسات تتكفل بدعم المقدسيين ومواجهة أي محاولات لتفريغ المدينة من سكانها.