سبع سنوات فصلت بين معركتي "العصف المأكول" التي توافق ذكراها الثامن من يوليو/ تموز عام 2014، و"سيف القدس"، إذ استطاعت المقاومة الفلسطينية مراكمة قوتها بين المعركتين وتحقيق إنجازات عسكرية وأمنية على مختلف الأصعدة.
وقدّمت المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام نموذجاً نوعياً وألحقت هزيمة مدوية بجيش الاحتلال، وفرض معادلات اشتباك جديدة تكشفت ثمارها أكثر خلال مواجهة أيار.
وخلال 51 يومًا، فرضت المقاومة خلال "العصف المأكول" استراتيجيات عسكرية ضربت الاحتلال في مقتل، وذلك بقصف مواقع استراتيجية إسرائيلية مهمة، مثل مطار بن غوريون، وفي "سيف القدس" غطّت قذائف المقاومة الصاروخية سماء كل البلدات المحتلة من شمالها حتى جنوبها.
ويرى المختص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية د. رفيق أبو هاني، أن المقاومة راكمت قوتها بين المعركتين من خلال التطوير وزيادة القدرات العسكرية والأمنية؛ ما دفعها إلى مراكمة الإنجازات أيضاً.
ويقول أبو هاني لصحيفة "فلسطين": تقدمت المقاومة في بعض المفاصل المهمة في الصراع مع العدو، إذ طوّرت قدرتها الصاروخية وسلاح الردع، وأصبح تركيزها خلال "سيف القدس" على كل فلسطين المحتلة، بدلاً من بعض المفاصل المهمة في "العصف المأكول".
وأوضح أن المقاومة استطاعت تثبيت قواعد اشتباك جديدة منها الجغرافيا الفلسطينية الموحدة، إذ إن معركة "العصف المأكول" اندلعت عقب قصف مواقع للمقاومة بغزة واستشهاد مقاومين، في حين أن "سيف القدس" انطلقت لأجل وقف انتهاكات الاحتلال في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى.
وبحسب أبو هاني، فإن المعركة الأخيرة استطاعت التأثير على الفلسطينيين في جميع أماكن وجودهم بما فيها الداخل المحتل، وإشراكهم في جولة التصعيد، فضلا عن زيادة التأثير العالمي والعربي والإقليمي مع القضية الفلسطينية.
وبيّن أن المقاومة خلقت معادلة تقدم الرواية الفلسطينية على مختلف الأصعدة العربية والإقليمية والدولية، على الرواية الإسرائيلية الزائفة، "وهذا تطور نوعي".
كما أكد أن تأثير معركة "سيف القدس" كان أكبر على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، مستدلاً بذلك "أن كل الغلاف الجوي في مرمى صواريخ المقاومة؛ ما أدى إلى شل القدرة الإسرائيلية وبقاء 4 ملايين إسرائيلي في الملاجئ".
وقال: "عندما قصفت المقاومة مطار بن غوريون في معركة 2014 هرب الاحتلال لمطار رامون، وهو ما لم يحدث في الحرب الأخيرة، حيث عطلت المقاومة هذا المطار أيضًا"، لافتاً إلى تغيّر معادلة "القدس الموحدة" التي كان يتغنى بها الاحتلال عقب اعتراف ترامب بها عاصمة لدولة الاحتلال.
وتوقّع أبو هاني أن تحمل المقاومة في جعبتها المزيد من المفاجآت في حال أقدم الاحتلال على جولة تصعيد أخرى في المرحلة القادمة، إذ أثبتت التجربة أنها تستخلص الدروس وتحدد بعد كل معركة نقاطًا استراتيجية للمعركة المقبلة.
قواعد مختلفة
بدوره يرى الخبير والمحلل العسكري من لبنان اللواء أمين حطيط، أن معركة "العصف المأكول" بدأت في استهداف العمق الصهيوني بالصواريخ حتى جعلت المقاومة أركان الكيان في أتون النار، في حين أنها أكدت خلال المعركة الأخيرة تنامي قدراتها الصاروخية بشكل حرم الاحتلال الأمنَ مطلقاً.
وأوضح حطيط لـ"فلسطين"، أن الاحتلال استمر 51 يوماً في حربه على غزة صيف 2014 حتى طلب وقف إطلاق النار، أما في المعركة الأخيرة فلم يتحمل أكثر من 11 يوماً بشروط لم يقبلها في السابق، ما يدلل على حجم الضغط الذي فرضته المقاومة في كيفية إدارة النار والعملية العسكرية.
وعلى صعيد العمليات البرية، كان الاحتلال في 2014، والكلام لحطيط، يحاول الدخول برياً ويؤمن نقاط التماس مع قطاع غزة في أكثر من مرة، لكن في المعركة الأخيرة كانت المقاومة بالمرصاد، إذ طورت بنيتها الدفاعية فوق الأرض وتحتها.
وقال: "المقاومة اتكأت في المعركة الأخيرة على منجزات عدوان 2014 وطورتها وعالجت سلبياتها وتجنبتها"، مشيراً إلى أن "سيف القدس" كرّست مقولة أن "العدو يملك قرار الحرب الآمنة والمنتصرة".
وبيّن أن المعركة الأخيرة كشفت حجم هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية ومدى تفككها، من خلال عدم قدرة الحكومة على عدم توفير الأمن.
وختم حديثه بأن "المقاومة حصدت ثمار الإنجازات في معركة 2014 من خلال التماسك أكثر بين فصائل المقاومة في المعركة الأخيرة".