ما زال المجتمع الدولي الذي استنكر بعضه عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة في نهاية شهر رمضان صامتا لا يتحرك نحو إنصاف غزة ورفع الحصار عن المجتمع أو تخفيفه. صمت المجتمع الدولي وبالذات الذين ينتقدون الحرب والعدوان، وينتصرون لحقوق الإنسان، يغري حكومة الاحتلال على مواصلة حصار مجتمع من مليونين ونصف تقريبا حصارا مشددا أضر بكل فئات المجتمع بلا استثناء.
غزة تعاني الحصار وتعاني أيضا تهديدات العودة للحرب. من داخل حكومة بينيت المؤلفة من سبعة أحزاب بعضها من اليسار تنطلق تهديدات بحرب موسعة مع غزة، إذا لم تتوقف البالونات الحارقة، وتهديدات أخرى بمواصلة الحصار الخانق إذا لم تُعِد حماس الأسرى لديها. حكومة الاحتلال مسكونة بغطرسة القوة هذا من ناحية، ومسكونة بالخوف من السقوط وعودة الليكود للحكم، ولأنها مسكونة بهذين الأمرين، فهي تبالغ في الانتقام من غزة، وتشديد الحصار، وانتهاك حقوق المدنيين، والتهديد بعدوان بري وجوي عليها.
مثل هذا النوع من الحكومات الضعيفة هشة البناء يُصعِّب الوصول إلى حلول وسط، سواء في ملف الأسرى أو في ملفات الإعمار والمساعدات المالية.
غزة بفصائلها وسكانها اختارت مشروع المقاومة، وهي لأنها كذلك تعيش دائما على حذر، ومسكونة بقلق غدر العدو، الذي قد يفاجئ غزة بدخول بري من أجل إثبات أن حكومة بينيت لديها حلول أفضل من حكومة نتنياهو، أي إن الحكومة والمعارضة في دولة الاحتلال يتنافسون على الانتقام من غزة وإسالة دماء الأبرياء، لأن غزة أوجعتهم في المعركة الأخيرة، وكشفت بعضا من عورات مجتمعهم وجيشهم.
هذه الحالة، والصورة القلمية لواقع موضوعي يتطلب ولا شك تدخلا دوليا جادا من أجل فك الحصار من ناحية، ومنع تجدد الحرب من ناحية أخرى. إن تدخلًا دوليًّا جادًّا قد يساعد مصر على فكفكة ملف الأسرى، ثم ملفات الإعمار، وما يجدر بالمجتمع الدولي أن يعلمه أن غزة ليست لديها ما تعطيه للعدو في هذه الملفات بحسب ما يريد، وغزة ستقاوم الحصار بكل ما تستطيع، لذا يجدر بالعدو والصديق والوسيط أن يعلم: من تكون غزة، وماذا يمكن أن تفعل. المجتمع الدولي الذي يدعو لاحترام حقوق الإنسان مطالب بالتدخل الفوري لرفع يد الاحتلال والعدوان عن غزة.