"مرسوم رئاسي جديد فيه إعلان لحالة الطوارئ لمدة ثلاثين يومًا اعتبارًا من ٣/٧/٢٠٢١م لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وحماية الصحة العامة، وتحقيق الأمن والاستقرار!". هذا ما نشرته وسائل الإعلام الفلسطينية، أما ما قالته وسائل الإعلام العبرية فهو: "إن كل المؤشرات تدل على أن انفجار الأوضاع الأمنية يمهد لاندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية... الانتفاضة الثالثة قد اندلعت بالفعل، وتواجه السلطة حاليا أربع مظاهرات يوميًّا، والمؤشرات تدل على أن السلطة توشك على فقدان السيطرة، وعلى (إسرائيل) الإسراع في اتخاذ خطوات تحول دون تفجر الأوضاع في الضفة".
يستفاد من الجمع بين ما قاله المرسوم وما قالته الصحف العبرية، أن الهدف الرئيس من المرسوم ومن البدء في التنفيذ من يوم السبت ٣/٧/٢٠١٢م، هو هدف أمني بحت، وكورونا غطاء له، ذلك ليس لما تقوله الصحف العبرية فحسب، بل لأن المنتفضين ضد ممارسات السلطة واغتيال نزار بنات قد تواعدوا على تنظيم مظاهرة ووقفة كبيرة على دوار المنارة في رام الله في يوم السبت الجاري. المرسوم يريد منع التجمع، والغطاء كورونا وصحة المجتمع.
صحة المجتمع في حقه في الحرية والتعبير. صحة المجتمع في محاكمة الظالمين الذين قتلوا نزار وغيره. صحة المجتمع في عدالة حقيقية للجميع. الفساد يضر بصحة المجتمع أكثر من كورونا، ولا يجوز أن يختبئ قتلة نزار خلف كورونا بمرسوم من الرئيس. الشعب يريد مواجهة كورونا ومواجهة قتل المواطنين بيد أجهزة الأمن، ومواجهة تعرية المواطنين ودهس كرامتهم باسم أمن السلطة.
قد يحد المرسوم من قدرة المواطنين على التجمع في الميادين العامة، ولكنه لن يحد من غضب الجماهير الذين امتلأت صدورهم بأخطاء السلطة المتراكمة خلال السنوات العشر الأخيرة. المرسوم قد يؤجل انتفاضة ثالثة ضد تغولات السلطة، ولكنه لن يمنع حدوثها البتة، لأنهم قالوا: طفح الكيل، ولم يعد المواطن قادرا على الصبر. النار التي أوقدها نزار لا تنطفئ بالمرسوم، ولكن يمكن أن يقل اشتعالها بإقالة القادة الذين خططوا للقتل، ومحاكمة المنفذين الذين نفذوا الجريمة إرضاء للقادة. هذا ما يمكنه تبريد نار الجماهير المحترقة بالغضب. والشمس لا تغطى بغربال، والمرسوم أدنى غطاء من الغربال أمام شمس الحريات التي أشرقت من دماء نزار.