هل يصلح سلام فياض رئيسا لحكومة وحدة وطنية؟ الإجابة عن هذا السؤال تقتضي العودة إلى قراءة الماضي. أعني قراءة رئاسة سلام فياض للحكومة بعد الانقسام. سلام فياض كان يعلم أن تعيينه رئيسا للوزراء فيه مخالفة قانونية لمقتضيات القانون الأساسي الفلسطيني المنظم للعمل السياسي والحكومي في فلسطين.
سلام كان يعلم أن حكومته تحتاج لتصديق المجلس التشريعي، ولكنه قفز عن هذا المتطلب بالتعاون مع محمود عباس، وباشر عمله في الحكومة دون مجلس تشريعي البتة، وكأن المجلس التشريعي زائدة وطنية يمكن التخلص منها.
سلام فياض شكل حكومة في الضفة في حين حكومة هنية، حكومة الوحدة الوطنية، ما تزال قائمة في غزة، وتعمل بموجب مقتضيات القانون الأساسي الفلسطيني، وهي في تلك الفترة حكومة تسيير أعمال. سلام قفز عن هذا عن عمد وقصد، فأهان نفسه قانونيا ووطنيا، وساعد في تكريس الانقسام، وكان أول قراراته محاصرة غزة، والسيطرة على المال الفلسطيني العام، والتعاون مع حكومة الاحتلال، وربط مطالب غزة واحتياجاتها بسلام فياض وحكومته.
وقد استمر فياض في الحكومة لسنوات كانت هي سنوات انتقام من غزة، وسنوات تحريض عليها في المجالات كافة، ولم تسلم من قرصاته المؤلمة حركة فتح التي أجمعت لاحقا على إجباره على تقديم الاستقالة.
المقصد من هذه التذكرة المُرَّة أن نقول: المجرب لا يجرب، ومن يجرب المجرب عقله مخرب، ولا فتح ولا حماس في حاجة لتجريب فياض مرة ثانية.
إذا كانت مؤهلات فياض هي رضا الغرب والأمريكان و(إسرائيل) عليه، وعلى رئاسته لحكومة جديدة، فهذا الرضا ليس علامة وطنية يمكن قبولها، بل هو علامة على ضعف الوطنية وتقديم مصالح الغرب و(إسرائيل) على مصالح الفلسطينيين. سلام هاجم المقاومة وعمل ضدها والآن يزور غزة ليجدد صفحة بيضاء تكون مقبولة في غزة، ثم بعد ذلك يعود لبث سمومه الماضية ضد غزة باسم الحكومة.
غزة لا تريد سلام فياض في حكومة جديدة، أو قل سلام لا يصلح لذلك بعد أن فشل في الحكومة الأولى، وبعد أن كرَّس حكومته في خدمة التنسيق الأمني على حساب الوطنية الفلسطينية.
فلسطين لم تعدم الرجال الوطنيين الذين بمكنتهم جمع الصف الوطني في حكومة وحدة وطنية بعد انتخابات تشريعية. إذ لا فائدة من حكومة وحدة قبل الانتخابات، لأن تنفيذ مقتضيات الدستور الفلسطيني وإصلاح النظام السياسي الفلسطيني أولى من حكومة فاشلة بقيادة سلام فياض، وإنه ليس من مؤهلات الحكم رضا الغرب أو مقايضة منح الغرب المالية بالوطنية الفلسطينية كما يفهمها الشعب، بغض النظر عن مواقف الفصائل.