فلسطين أون لاين

بـ"حب الله".. طالبات "أم الدرداء" يحفظن القرآن

...
الطالبات أثناء حفظ القرآن
غزة/ ريما عبد القادر:

بسجدة حمد وشكر توجت نداء دغمش إتمامها حفظ كتاب الله، الذي كان حلمًا من الصعب تحقيقه في نظرها، خاصة أنها بدأت بتلاوة آيتين من سورة البقرة وكانت كثيرًا ما تتعثر بين الخطأ والنسيان.

لكن سرعان ما اختلف الأمر حينما التحقت بأحد المراكز لتحفيظ القرآن بكثير من التشجيع لخطواتها المتتالية ليس في الحفظ فحسب؛ بل في التثبيت كذلك، وسبق ذلك حبها لله تعالى في حفظ كتابه.

لم تستطِع نداء (22 عامًا) أن تخفي دموع الفرح التي أغرقت بها وجنتيها بعد أن أتمت حفظ القرآن، فأخذت في السجود حمدًا وشكرًا للخالق، على هذه الكرامة الكبيرة، إذ تقول لمراسلة صحيفة "فلسطين": "في بداية الأمر كنت أظن أن الموضوع سيكون مستحيلًا خاصة أنني كنت كثيرًا ما أخطئ وأنسى بمجرد محاولتي حفظ آيتين من سورة البقرة".

وتتابع: "دائمًا كنت أردد أن الأمر محال، فأنا لا أستطيع حفظ آيتين فكيف لي أن أحفظ آيات القرآن كاملًا؟!".

وتضيف نداء عن تجربتها في الحفظ: "سرعان ما اختلف معي الأمر من خلال المتابعة مع مركز "أم الدرداء" فكانت محفظتي تشجعني كثيرًا على استكمال الحفظ، وكلما حفظت آية تشجعني أكثر على حفظ غيرها إلى أن وصلت لحفظ 15 صفحة في اليوم الواحد".

وتبين أنها بعد إتمامها الحفظ أخذت تسجد وتسأل الله بكثير من الدعاء التثبيت، وتقول لكل من شاركها هذه الفرحة: "قولوا آمين"، فقد شعرت بشعور كان من الصعب على كلماتها أن تصفه، وشوقها لإعادة هذا الأمر جعلها اليوم تكمل مسيرتها في تأكيد تثبيت الآيات في قلبها.

أما علا الصفدي (13 عامًا) فكان لاسمها نصيب في أن تنظر للعلا في خطواتها المتسارعة لحفظ القرآن، إذ تقول عن تجربتها: "لا بد أن يتحلى الحافظ بكثير من الصبر حتى وإن أخطأ في الآية الواحدة، فعليه بالتكرار وبعد ذلك سيشعر باختلاف في تنشيط الذاكرة لديه".

وتبين أنها تحفظ في اليوم الواحد ما يزيد على 13 صفحة من القرآن، وكلما كانت تحفظ صفحة تزداد الهمة لحفظ المزيد.

وتشير علا إلى أن التشجيع الكبير له الأثر في استمرارها، وجعل مخاوفها تتلاشى وأصبحت تردد على مسامعها: "بإذن الله تعالى أستطيع"؛ بل وأصبحت تشجع كل من حولها على البدء في الحفظ حتى وإن كان لا يجيد التلاوة فالمتابعة والتكرار ستعطيان نتائج جميلة.

ترتيل وتكرار

وفي مركز أم الدرداء لتحفيظ القرآن بمدينة غزة كان الجميع منشغلًا ما بين ترتيل آيات الرحمن، وسورة البقرة، وتكرار سورة الحشر، وغيرها من سور القرآن الكريم، فكل مجموعة كانت حافظاتها الصغيرات والكبيرات يرددن آياتها ما بين الحفظ والتسميع والتثبيت.

مديرة مركز أم الدرداء ريم سكيك، تشجع وتحفز الطالبات بالابتسامة، خاصة أنها تتابع معهن وتطمئن بنفسها على سير الحفظ، فلا تقبل إلا بالحفظ المُتقن حتى وإن تطلب ذلك المزيد من التكرار في الآية الواحدة.

وتقول ريم بعد أن سمعت إحدى طالباتها وردها اليومي في الحفظ: "أرحب بكل من تطرق أناملها باب المركز في تحقيق رغبتها بحفظ القرآن حتى وإن كانت ضعيفة في القراءة، إذ نعمل على معرفة قدرات كل طالبة وتشكيل مجموعات، لمعرفة المقدار الذي يمكن أن تحفظه، ونستمر معها خطوة بعد خطوة حتى تتم الحفظ".

وتتابع عن الخطوات التي تساعد في الحفظ: "أول خطوة هي أن تكون النية في الحفظ خالصة لله تعالى، أي أن يكون الأمر حبًّا في طاعته وتلاوة كتابه، وأن تختار أفضل وقت للحفظ ما بعد صلاتي الفجر والمغرب حيث يكون الذهن صافيًا، الأمر الذي ينشط الذاكرة".

وتشير ريم إلى أن الحفظ يكون من مصحف واحد، بحيث تشارك فيه العديد من حواسها وتبصر الآية وبعد ذلك تتلوها على مسامعها وتعمل على كتباتها فهذه الطريقة تثبت الحفظ لديها".

لكل الأعمار

ويستقبل المركز كل الأعمار، تقول ريم: "لدينا أطفال من سن أربعة أعوام إلى ما يزيد على 63 عامًا، إذ يبدأ للأطفال في حلقات القراءة العربية حتى يتعلم قراءة القرآن كلمة كلمة ثم آية آية بشكل صحيح بالأحكام".

وتتابع: "في حال كانت الطالبة كبيرة في السن نعمل على التواصل معها من خلال برنامج إلكتروني أو أي طريقة تناسبها من أجل مساعدتها في الحفظ".

وتشير إلى أن المركز يعمل على حلقات لتحفيظ القرآن لمدة شهرين بحيث تحفظ الطالبة كل يوم 10 صفحات، وحلقات لتحفيظ 15 جزءًا بحيث تحفظ الطالبة كل يوم خمس صفحات، ويوجد حلقات التحفيظ الاعتيادية بحيث تحفظ الطالبة على قدر المستطاع.

وتوضح أنه يوجد حلقات لتسميع القرآن الكريم في المرحلة الأولى بمدة ثلاثة أيام وبعد ذلك تتبعها مرحلة التسميع على جلسة واحد تتراوح ساعاتها ما بين (8-12) ساعة.

وتلفت ريم إلى أن كل محفظات المركز يحملن السند، وهن بالأصل كن طالبات تعلمن الحفظ المتقن فيه، وهذا له تأثير واضح في جودة تعليم القرآن وحفظه.

وفي كلمات همست بها في القلب تقول: "مهما كانت الظروف لا تقولي لا أستطيع الحفظ، اعقدي النية لأجل حب الله تعالى، وأبدئي ولو بآية، ستجدين نفسك بعد ذلك تحفظين صفحة وأكثر إلى أن تصلي كما وصلت الكثير في حفظ أكثر من 15 صفحة في اليوم الواحد، ستجدين من خلالها البركة وأن طعم الحياة قد اختلف معك". وتذكر بقول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ".