نحمد لله (عز وجل) أن جعلنا ممن يدركون رمضان، فإن ذلك علامة محبة الرب لعبده, وعلى المسلم الحق أن يحسن تجارته مع ربه في هذا الشهر، وكي تربح الصفقة علينا أن نخلص النية لله في صيامنا، فهو القائل في الحديث القدسي: "الصيام لي، وأنا أجزي به", وقال في محكم التنزيل: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ" (الزمر: 10), قال القرطبي: "أي الصائمون، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "قال الله (عز وجل): الصيام لي وأنا أجزي به"، فلم يذكر ثوابًا مقدرًا كما لم يذكره في الصبر، وقال أهل العلم: "كل أجر يكال كيلًا ويوزن وزنًا إلا الصوم، فإنه يحثى حثوًا ويغرف غرفًا".
وإن علامة إخلاص النية لله (عز وجل) ظهور أثر الصيام على جوارح الصائم؛ فالقلب يصبح مخمومًا, واللسان صادقًا, والجوارح كلها مأمورة بأمر الله منتهية عن نهيه، لذا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من لم يدع قول الزور والعمل به؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه", وهذه علامة على ربح الصفقة في الدنيا.
وأما علامة ربحها في الآخرة فالانتفاع بشفاعة الصيام أولًا، فقد أشار إلى هذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، يقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان"، ثم دخول الجنة من باب الريان، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد".
أخي القارئ الكريم، عرضت لك صفقة رابحة وتجارة لا تبور، ما عليك سوى الإخلاص لله (عز وجل) في أداء هذه الفريضة، التي لا يخفى على أي مسلم فضلها، وإن مما يدفعك إلى هذا الإخلاص خوفك من الله (عز وجل)، لهذا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة".