فلسطين أون لاين

أبو جهل: القرار خطِر ويُعبِّر عن وصولنا إلى "مرحلة الديكتاتورية"

تقرير رفض واستنكار حقوقي لتعطيل محكمة السلطة انتخابات نقابة المحامين

...
رام الله-غزة/ نور الدين صالح:

لقي قرار محكمة العدل العليا التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله، وقف انتخابات نقابة المحامين الفلسطينيين، رفضًا واستنكارًا حقوقيًّا واسعًا، بعدِّه قرارًا معقدًا لا ينفصل عن الحالة الشاذة التي يعيشها النظام السياسي ومؤسساته بما فيها المؤسسة القضائية التي استُولي عليها من خلال القرارات بقانون.

وكانت محكمة العدل قد قررت أمس وقف انتخابات نقابة المحامين، بدعوى أن ذلك جاء إلى حين البت في الطعن المقدم من أحد المحامين بقرار النقابة، بالدعوة لانتخابات أعضاء مجلس النقابة دون انتخاب النقيب.

وأكدت نقابة المحامين بغزة رفضها قرار محكمة العدل العليا، عادَّةً إياه "قرارًا خطِرًا يُعبر عن سلطة الفرد الواحد التي وصلت إلى مرحلة الديكتاتورية".

وقال عضو الهيئة العامة في نقابة المحامين بغزة عادل أبو جهل: إنه لا يحق لأحد منع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي والضغط عليه للتنازل عن هذا الحق، من أجل حسابات حزبية ضيقة مقيتة.

وعدَّ أبو جهل في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن القرار يخضع لأهداف سياسية بالدرجة الأولى، مضيفًا أنه "بعيد عن الصواب، وجاء نتيجة خشية محامين ينتمون لفريق رئيس السلطة محمود عباس من فشلهم في الانتخابات".

وشدد على ضرورة التحرك بخطوات عملية وميدانية وقانونية لوضع حد لهذا التفرد ضد الشعب الفلسطيني وأطيافه القانونية، مجددًا تأكيده ضرورة ممارسة الشعب الفلسطيني حقه القانوني وتمكينه من اختيار ممثليه بكل حرية على مختلف المستويات.

وبيَّن أن هذه الإجراءات تصب في إطار تعزيز التغول والتسلط، ما سيكون لها تداعيات خطِرة على الاستقرار المجتمعي، لافتًا إلى أن القرار ليس له علاقة بالقانون ولا بتطبيقه إنما بمجريات العملية الانتخابية وما ستؤول إليه نتائجها.

وتابع أن فريق المحامين الذين يتبعون لعباس يخشون على أنفسهم من الفشل في تحقيق أهدافهم المرجوة من إجراء الانتخابات، لذلك يلجؤون إلى تأجيلها وعرقلتها.

وقال أبو جهل: "لن نترك النقابة في مهب الريح لأهواء حزبية ضيقة، بل سندافع عنها وعن الديمقراطية وسيادة القانون، لذلك لن يتغير من الأمر شيء مهما فعل عباس وقرار محكمته"، مردفا: "كنا نأمل أن تكون هناك منافسة شريفة في النقابة، إضافة إلى مواقف رافضة لما يجري، والعمل على إنقاذ النقابة ووضع حد للنفوس الضعيفة التي تعمل على زعزعة الاستقرار".

هدم الشرعيات

وقال المرشح والمتحدث باسم "ائتلاف النقابة للجميع" المحامي داود درعاوي: إن ما ذهبت إليه المحكمة في هذا القرار المعقد لا ينفصل عن الحالة الشاذة التي يعيشها النظام السياسي ومؤسساته بما فيها المؤسسة القضائية التي استُولي عليها من خلال القرارات بقانون.

وعدَّ درعاوي لـ"وطن" استخدام هذه الأدوات لضرب العملية الديمقراطية وحقوق المنتسبين للنقابات في اختيار ممثليهم، مساسا بالقانون الأساسي وحق المشاركة السياسية، واصفا قرار المحكمة بأنه "غريب ومفاجئ، ويأتي في سياق هدم ما تبقى من شرعيات لبعض المؤسسات العامة".

وقال: "على ما يبدو أننا لا نزال نعيش حالة الفوضى التشريعية والقضائية، لا سيما أن هذا القرار سيخلق أزمة حقيقية، إذ إنه يعزز من استمرار حالة الانقسام وإذكاء نارها من جديد، وربط الموضوع بأبعاد سياسية وأزمة يعانيها النظام السياسي".

وأضاف أن القرار يعزز انعدام الثقة بالنظام السياسي ومؤسساته، لأنه لا يمكن فصله عن تأجيل الانتخابات التشريعية والانتخابات المحلية وتعويق انتخابات نقابة المحامين قبل شهر ونصف.

وبشأن الدعوى، أوضح درعاوي أن أحد المحامين تقدم بها بداعي أن انتخابات مجلس نقابة المحامين يجب أن تكون "بورقة مستقلة" عن انتخاب نقيب المحامين، وهذا النص يتعلق بنص مواد قانون نقابة المحامين لعام 1999، لكن ما هو مفاجئ اتخاذ المحكمة مثل هذا القرار خاصة أن هناك تعديلات طرأت على قانون نقابة المحامين، أنشأت مركزين مستقلين ماليا وإداريا في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأردف أنه لا يمكن تطبيق النص من الناحية العملية، لأن عدد أعضاء المجلس 15 عضوا (6 في غزة، و9 في الضفة) وعليه فإن انتخاب النقيب "بورقة منفصلة" يتطلب تعديلات إضافية بالقانون تضيف النقيب لعدد أعضاء المجلس، بحيث لا يكون على حساب الـ15 عضوا، إضافة إلى أنه يوجد عوائق موضوعية لها علاقة بوجود الاحتلال تمنع من أن يكون هناك مركز انتخابي واحد في الضفة والقطاع لغايات انتخاب النقيب على غرار نقابة المحامين في الأردن.

وتابع أنه بسبب واقع الاحتلال يوجد مراكز انتخابية مستقلة في الضفة وغزة، وبما أن انتخاب النقيب يتطلب مركزا انتخابيا واحدا فيهما، فإن ذلك مستحيل من الناحية العملية.

تعطيل استحقاق 

وقال عضو مجلس نقابة المحامين ومرشح كتلة القدس لخوض انتخابات النقابة، أمجد الشلة: إن قرار المحكمة ضرب العملية الانتخابية للنقابة، ويضع مليون علامة استفهام في هذا التوقيت، إذ لا نعرف من يخدم في ظل تعطيل استحقاق ديمقراطي للمحامين الفلسطينيين ومصادرة حق المحامي في انتخاب ممثله في مجلس النقابة.

وأضاف الشلة لـ"وطن" أن القرار خطِر وفيه كثير من الشوائب، إذ تفاجأنا به لمجيئه في سياقات مجهولة لا نعرف إلى ماذا استندت، مؤكدا أنه يضر بالمصلحة الوطنية الفلسطينية وبمصلحة نقابة المحامين وكل محامٍ، فضلًا عن أنه مصادرة لحق المحامي في اختيار مرشحه.

وتابع: "نقابة المحامين اعتادت أن تكون نموذجا يُحتذى به في ديمومة العملية الديمقراطية، وأن يكون قرارها وطنيا مستقلا، لكن بعد القرار نحن مستائين وفي حالة غضب عارمة، والأهم من ذلك أنه ضرب للاستحقاق الديمقراطي والحياة الديمقراطية لدى النقابة وجمهور المحامين".

ونبه إلى أنه منذ تأسيس نقابة المحامين توجد دائرتان انتخابيتان، واحدة في غزة والثانية في الضفة، والفريقان يجتمعان فقط في اختيار النقيب، وفي وحالة وجود غموض في تفسير القانون فجهة التفسير هي المحكمة الدستورية.

أما المرشح المستقل المحامي غاندي الربعي، فقال: "للأسف الشديد الوطن يعيش حالة عدم تجديد أي مشروعية، فلا انتخابات تشريعية ولا رئاسية حتى وصل الأمر إلى تعطيل انتخابات النقابات"، عادًّا قرار تعطيل انتخابات النقابة خطِرا للغاية.

ولفت إلى أن قرار المحكمة يوضع في خانة العملية السياسية لتأجيل الانتخابات، "فقد رأينا تأجيلا تعسفيا للانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية، وكأن القضية أصبحت بأن الشعب الفلسطيني ملزم البقاء دون انتخابات".