منذ انتهاء معركة "سيف القدس" الأخيرة قبل حوالي شهر، تُخيم حالة من الهدوء الحذِر على قطاع غزة، نتيجة مماطلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالاستجابة إلى مطالب المقاومة الفلسطينية، والاكتفاء بتثبيت معادلة "الهدوء مقابل الهدوء" دون دفع أي ثمن سياسي لغزة.

ومنذ ذلك الوقت تدخلت بعض الوساطات العربية والغربية وأبرزها جمهورية مصر والأمم المتحدة، في محاولة لاستعادة الحقوق الفلسطينية "وهو ما لم يحدث حتى الآن". وزار أمس وفد أوروبي قطاع غزة.

وصرّح رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار، عقب انتهاء لقائه مع منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية التسوية في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، بأن اللقاء كان "سلبياً ولا يحمل أي بوادر تشير إلى حل الأزمة الإنسانية في غزة".

يقول الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، إن الوفد الأوروبي حمل رسائل إسرائيلية ولم يأتِ بحلول أو مبادرات لحل الأزمة وحلحلة الأوضاع في قطاع غزة، "وهو ما يثبت النفاق الدولي الواضح طيلة فترة العدوان وبعده".

وأوضح سويرجو خلال حديثه مع "فلسطين" أن الهدف الأساسي لهذه الوفود الأممية هو حماية أمن دولة الاحتلال وضمان استقرار المنطقة، وهذا مفتاحه في يد المقاومة.

وأشار إلى وجود محاولات حثيثة من أعداء الشعب الفلسطيني لحرمان المقاومة من نشوة الانتصار وتحويله إلى هزيمة سياسية، من خلال التركيز على أهداف لم تكن في المعركة ومنها كسر الحصار عن قطاع غزة.

ويعتقد أن الحديث عن موضوع الحصار لن يكون إلا بالتكشير عن الأنياب بالتلويج بالقوة مرة أخرى، مشيراً إلى أن رئيس حكومة الاحتلال الجديد نفتالي بينيت ما زال لم يعرف ارتدادات المعركة، لذلك يجب العمل على الفصل بين الملفات خاصة ملفي الأسرى وإعادة الإعمار.

وبحسب سويرجو، يجب على المقاومة تحديد استراتيجيتها بشكل واضح بأن المقاومة هي الأصل والتهدئة الفرع.

قابل للانفجار

لم يبتعد المحلل السياسي طلال عوكل عن سابقه كثيراً، إذ يرى أن (إسرائيل) تحاول ابتزاز ظهر المقاومة، وتثبيت معادلة "الهدوء مقابل الهدوء"، من أجل فتح الطريق أمامها لاتخاذ القرارات المناسبة فيما بعد.

وبيّن عوكل خلال حديثه مع "فلسطين"، أن الوسطاء لم يتمكنوا من الضغط على حكومة الاحتلال حتى الآن من أجل معالجة الملفات المطروحة، لافتاً إلى أن الاحتلال مازال يمارس الممارسات ذاتها التي أدت لنشوب الحرب.

ورأى أن الوضع في قطاع غزة ما زال قابلاً للانفجار، نتيجة عدم التدخل الجاد من الوسطاء بالضغط على الاحتلال، منبهاً إلى أن الملفات العالقة معقدة ومتشابكة "وإذ لم يحدث تفكيك ومعالجة لها، سيتفجر الوضع وربما يكون قريباً"، حسب تقديره.

وتوقع أن تحدد الفصائل الفلسطينية موقفاً جادًا خلال اجتماعها المقرر مساء اليوم، وقد تُعطي فرصة للجانب المصري باعتباره الطرف المكلف بإدارة الملف، من أجل إيجاد الحلول المناسبة له.

وأوضح أن الوفد الأممي كان قادماً من (إسرائيل) ويحمل وجهة نظرها، ولم يأتِ بأي جديد، بل يحاول ابتزاز الموقف الفلسطيني، ظناً منه أنه الأضعف.

مد وجزر

وبالعودة لسويرجو حول السيناريو القادم لقطاع غزة فقد وصفه بـ "الصعب"، مستدلاً بذلك على بقاء 140 يوماً لاعتماد الموازنة الإسرائيلية للحكومة الجديدة، لذلك لن تستطيع الأخيرة اتخاذ قرارات دراماتيكية.

ورأى أن سياسة "المد والجزر" ستكون سيّدة الموقف طيلة الفترة القادمة، مضيفاً: "المقاومة هي التي تستطيع أن تحدد الوجهة القادمة، وعدم انتظار حكومة بينيت لترتيب أوراقها ثم بعد ذلك فتح الملف السياسي".

وبحسب قوله، فإن على المقاومة البحث عن أشكال مبادرة جديدة كما بادرت في معركة سيف القدس، من أجل إرسال رسائل قوية للعدو أن الشعب الفلسطيني لن ينتظر طويلاً، وأنها على أهبة الاستعداد لدخول أي معركة قادمة.