بعد الصاروخ لماذا البالون الحارق؟! يسأل المواطن الغزي. هل المواطن يرفض البالون ويطلب الصاروخ؟! أم يطلب المواطن التوقف عن البالون وعن الصاروخ؟! السؤال يوحي بأن الفهم عند السائلين غير مكتمل؟! وغياب الكمال والتمام عادة يستولدان أسئلة مماثلة، لذا كان يجدر بالمقاومة وبوسائلها الإعلامية التصدي لتربية الفهم ليس في هذه القضية فحسب بل في كل قضية وطنية لا يكتمل فيها الفهم.
المقاومة دخلت في وقف إطلاق النار بعد قصف مواقع العدو بالصواريخ والهاون، ولكن اتفاق وقف إطلاق النار لم يتضمن قرارًا سياسيًّا بالعود لما كان قبل القتال، ولا باتفاق جديد يحدد شروط التهدئة والقضايا المتفق عليها. الفصائل قبلت بهذا الأمر لسببين: الأول الضغوط العربية عليها لوقف قصف تل أبيب. والثاني لأن ميزان القوة مختل واستمرار القتال له أثمان باهظة، والمقاومة تعمل على استبقاء قدراتها على الردع والرعب للمستقبل.
الطرف الصهيوني يريد أن يستثمر الحرب ليسلب من المقاومة شارة النصر، التي احتفل بها الشعب في غزة والضفة والقدس، والخارج. شارة النصر هذه تمحورت في ضرب تل أبيب دون خوف من التداعيات، وفي أمور أخرى لا داعي لتفصيلها هنا.
العدو يهودي، ومن طبيعته الغدر، وإخلاف المواعيد، وابتزاز الطرف المقابل، وتحقيق أقصى درجات الابتزاز بقوة السلاح، وبقوة الحصار؟!
المقاومة تعلم طبيعة العدو، ولديها خبرة عالية كيف تأخذ حقها منه، وهي ترفض الابتزاز، وترفض خلط الملفات، ومن ثمة قررت أن تعتمد على نفسها وأن تفعل أدواتها لإجبار العدو على فتح المعابر، وعلى إدخال المنحة القطرية، وتمرير مواد الإعمار.
الوسيط يبذل جهده في هذا الموضوع، ولكن الوسيط لا يستطيع تحقيق ما تريده المقاومة، وجهده يحتاج لجهد المقاومة، وعمل المقاومة بعد الحرب الواسعة يتشكل في الوسائل الخشنة التي تقلق العدو، وتحمل رسائل إلى تل أبيب والقيادة الجديدة بأن المقاومة لها مطالب عاجلة ومنها فتح المعابر، والبحر، والمنحة، ومواد الإعمار.
غزة تقول هذه المطالب هي المرحلة الأولى من مراحل عمل المقاومة لرفع الخصار رفعًا كليًّا، لذا كانت البالونات الحارقة وغيرها من الوسائل الخشنة هي الأداة المناسبة الآن، هي الأداة التي تساعد الوسيط. غزة تقول نحن لسنا عدميين ولا مغامرين، للصاروخ توقيت، وللبالون توقيت ونطاق، والخلط بينهما لا فائدة منه، كما أن خلط العدو بين الإعمار وملف الأسرى لا جدوى منه، غزة تفهم ما تريد، والعدو يفهم ما تريده غزة، والتهديد باستئناف القتال لا يخيف غزة، وهو أقرب ما يكون للمزايدات الداخلية بعد رحيل نتنياهو؟!