يرى محللان سياسيان، أن نتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات المسحية في رام الله، تعكس التحولات التي أرستها معركة "سيف القدس" وفشل السلطة في التقاط اللحظة للاستفادة من الإنجاز العسكري الذي حققته المقاومة والبناء عليه سياسيًّا، في حين أن تمسكها بهذا السلوك تقود لحراكات شعبية واسعة.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن انتصار المقاومة في معركة "سيف القدس" أحدث "انقلابًا" بالرأي العام ضد السلطة، وأن حركة حماس باتت "الأكثر جدارة بتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني".
وكشف الاستطلاع عن تأييد غالبية الفلسطينيين للعمل المسلح ورفض الغالبية العظمى قرار السلطة تأجيل الانتخابات، فيما يطالب 70% من الجمهور بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية رغما عن (اسرائيل).
الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور، يقول إن هذه الاستطلاع يعكس بشكل كبير التحولات التي أرستها المقاومة خلال المعركة الأخيرة مع الاحتلال، وهو ما انعكس على الجمهور الذي التف حول خيار المقاومة.
وأوضح منصور في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن غالبية الجمهور الفلسطيني لم يعد يؤمن بالحل السياسي للسلطة ولا طريقة المفاوضات القائمة، إضافة إلى سوء إداراتها للحالة الفلسطينية الراهنة.
وأشار إلى أن الإقبال الكبير على التسجيل للانتخابات ومشاركة العشرات من القوائم، يدلل على تطلع الشعب الفلسطيني إلى تغيير قيادة السلطة الموجودة حالياً وأنه بات مقتنعًا بعدم قدرتها على تلبية تطلعاته.
وأضاف: "كان الأولى أن تلتقط السلطة هذه اللحظة التاريخية والانتصار الذي سجلته المقاومة، من أجل كسر كل الحواجز القائمة وتوفير غطاء ومظلة سياسية جماهيرية دبلوماسية موحدة لكل الشعب الفلسطيني، بما فيها حركات المقاومة".
وبيّن منصور أن السلطة باتت فاقدة لشعبيتها وشرعيتها بعد إلغاءها للانتخابات، منبهًا إلى أن استمرارها بهذا الشكل سيشكل أزمة حقيقية قد تقود لحراكات شعبية واسعة خلال الفترة القادمة.
وقال إن تأييد غالبية الشعب الفلسطيني لنهج المقاومة وسعيها لاختيار قيادتها وتصويب نهجها القائم، "يضعف السلطة ويضعها في موقف صعب أمام شعبها".
وشدد منصور على أن استمرار الوضع القائم كما هو "يشكل خدمة مجانية للاحتلال، ويُزيد من تعميق الفجوة بين السلطة والشعب الفلسطيني".
وأيّد ذلك الناشط السياسي عمر عساف، إذ يؤكد أن الشعب الفلسطيني بات غاضباً من الوضع السياسي القائم، مستدلاً بذلك من رفضه لإلغاء الانتخابات الفلسطينية من السلطة.
وبيّن عساف لـ"فلسطين"، أن حركة حماس أثبتت خلال المعركة الأخيرة على قطاع غزة، قوتها وقدرتها على مواجهة الاحتلال، وهو ما زاد من شعبيتها ودعم غالبية الجمهور الفلسطيني لخيار المقاومة.
وأوضح أن نظام السلطة السياسي القائم على نهج المفاوضات والتعاون مع الاحتلال، بات نقطة انتقاد من الشعب الفلسطيني الذي "ملّ إصرار السلطة على التخلي عن سياساتها".
وقال عساف: "رغم رفض الشارع لأداء السلطة إلا أنها ماضية في مشروعها وخيارها القائم على المفاوضات الفاشلة مع الاحتلال، والتي لم تعطي الشعب أي من حقوقه منذ 30 عامًا".
وشدد على أن "السلطة لا تريد أن تتعظ من انتصار المقاومة الأخير، ولا تقييم مسارها الفاشل بل تُصر على البقاء في طريق الوهم".
وجدد التأكيد على ضرورة وجود حراك شعبي واسع من القوى والفصائل، من أجل تشكيل ضغط جاد على السلطة لإجبارها على الاستجابة لخيار الشعب، مرجحاً أن تتجه الأوضاع لمزيد من الاحتقان حال استمرت سياسات السلطة كما هي.