فلسطين أون لاين

صفقة اللقاحات.. فضيحة سياسية وصحية تدفع أوساطًا فلسطينية للمطالبة بالتحقيق

...
رام الله- غزة/ أدهم الشريف- وكالات:

لاقت صفقة لقاح "فايزر" الأمريكي المضاد لفيروس "كورونا" المسبب لمرض "كوفيد-19"، بين وزارة الصحة في حكومة رام الله والاحتلال الإسرائيلي، ردود فعل مناوئة فلسطينيًا طالبت بالتحقيق في موضوع اللقاحات منتهية الصلاحية.

وبينما دفع إعلان الاحتلال عبر إعلامه، الصفقة المثيرة للجدل، أوساطًا فلسطينية إلى إصدار بيانات ومطالبات بإجراء التحقيقات اللازمة، أعلنت حكومة رام الله إلغاء الصفقة مع (إسرائيل) لتسلُّم نحو مليون جرعة من لقاح "فايزر".

وبحسب المتحدث باسم حكومة رام الله إبراهيم ملحم، فإنه بعد فحص الدفعة الأولى التي وردت من (إسرائيل)، والمقدرة بنحو 90 ألف جرعة "تبين أنها غير مطابقة للمواصفات الواردة في الاتفاق".

وطالب الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، بلجنة تحقيق بشأن الصفقة التي أُبرِمت مع الاحتلال لتوريد اللقاحات، عادًا أن "ضعف الشفافية في إدارة ملف اللقاحات يعزز من شعور المواطنين بعدم الثقة".

ضعف الشفافية

وأضاف الائتلاف في بيان تلقت "فلسطين" نسخة عنه، أمس: تُظهِر صفقة تبادل اللقاحات مع الاحتلال من جديد ضعف الشفافية في إدارة الشأن العام بصفة عامة، وفي إدارة جائحة فيروس (كورونا) بصفة خاصة، ومن غير المنطق أن يكون مصدر المعلومات الأول في قضية هامة تتعلق بصحة المواطنين الفلسطينيين هو الاحتلال، إذ إن المسؤولية تحتم على حكومة رام الله، ممثلة بوزارة الصحة، القيام بإعلان تفاصيل الصفقة قبل إبرامها تعزيزًا لمبدأ الشفافية.

وأشار الائتلاف إلى أنه منذ بدء الجائحة طالب بضرورة تعزيز الشفافية خلال مدة الطوارئ، بعدِّها أحد أهم أدوات تحصين عملية إدارة توفير وتوزيع اللقاح من أي تجاوزات أو استغلال، وذلك بنشر تفاصيل جميع التعاقدات والصفقات، التي تتم بين الحكومات والموردين عمومًا، وموردي اللقاح خصوصًا، إلا أن هذا الأمر ما زال يعاني ضعف نشر المعلومات حتى الآن.

وشدد "أمان" على ضرورة إعلان الإجراءات التي ستتخذ بحق أي مسؤول أهمل التحقق من سلامة الصفقة، إذ عهدنا مرارًا وتكرارًا سوء نيّات الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال التأكد من أن الطاقم المشرف على الصفقة قد قام بالعناية الواجبة لفحص سلامة وحدود تاريخ انتهاء اللقاحات في مخازن الاحتلال، مشيرًا إلى أن معلومات نُشِرت مسبقا من قبل الاحتلال، تؤكد أن اللقاحات تنتهي صلاحيتها خلال يونيو/ حزيران الحالي.

وأبدى ائتلاف "أمان" تخوفه من أثر صفقة اللقاحات على مدى ثقة المواطنين بعملية إدارة اللقاح عمومًا، وعلى عملية إقبال المواطنين على تلقيه، مطالبًا الجهات الرسمية بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، وبمشاركة ممثلين عن المجتمع المدني للتحقيق في حيثيات الصفقة.

تحقيق محايد

من جهتها طالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يوم السبت، بلجنة تحقيق وطنية محايدة في فضيحة صفقة اللقاحات المضادة لفيروس ""كورونا بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي.

ونقلت وكالة "صفا" المحلية عن عضو اللجنة المركزية بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ذو الفقار سويرجو، مطالبه بضرورة تشكيل هذه اللجنة للوصول إلى كل التفاصيل والحقائق المتعلقة بهذه الصفقة.

وأكد سويرجو ضرورة الوصول إلى الجناة "الذين ارتكبوا هذه الجريمة ومحاسبتهم علنًا، وإعلان هذه المحاسبة للجمهور"، عادًّا أن هذه الفضيحة جاءت "نتيجة غياب الرقابة والمحاسبة لعمل كل القطاعات في السلطة".

ولفت إلى أن السلطة تستغل "عدم وجود مجلس تشريعي"، إضافة إلى حالة التفرد بالقرار السياسي الفلسطيني وكل القرارات المتعلقة بوزارات السلطة.

وقال عضو اللجنة المركزية للشعبية: "الرقابة غائبة، ولا حسيب ولا رقيب، والنتائج كارثية"، ورأى أن ما جرى هو صورة مصغرة عما يجري في السلطة الفلسطينية.

وشدد سويرجو على أن السلطة "لم تعد أمينة على الشعب الفلسطيني، ويُوضِّح ما جرى مدى التعاون والالتصاق بين السلطة ووزاراتها ودولة الاحتلال على حساب المواطن الفلسطيني".

وأضاف: "لم تكتفِ السلطة بالتنسيق الأمني الذي يرفضه كل الشعب الفلسطيني".

ونبَّه إلى أن الشعب هو الذي يدفع الثمن نتيجة وجود هذه العلاقات بين السلطة ودولة الاحتلال، والتي أفرزت صفقة مهينة وفضيحة مدوية تتعامل مع حياة البشر باستهتار كبير، مجددًا تأكيد رفض الجبهة الشعبية كلَّ أشكال التنسيق بين السلطة والاحتلال.

وقال: "للأسف الشديد كوارث فعلية وأمنية يدفع ثمنها المواطن وأبناء الشعب، لذلك يجب الوقوف باستمرار من خلال فضح هؤلاء".

ولفت سويرجو إلى أنه "لولا الرقابة التي شكلتها منصات التواصل الاجتماعي على الفضيحة لتمت الصفقة".

فضيحة سياسية وصحية

من ناحيته قال منسق القطاع الصحي في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية الدكتور عائد ياغي: إن "صفقة اللقاحات المنتهية صلاحيتها هي فضيحة سياسية وصحية وأخلاقية لسلطة رام الله، وهذا مؤشر آخر لغياب الرقابة والمحاسبة في السلطة، ولو مرت هذه الصفقة لكانت ستؤدي إلى كارثة صحية للفلسطينيين".

وأضاف ياغي في تصريحات لبرنامج مع الناس عبر إذاعة الأقصى: "لا يوجد لدينا ثقة من بيانات الحكومة برام الله، لأن البيان جاء بعد كشف وسائل الإعلام وفضح الصفقة، ولاحظنا خلال التعامل مع ملف (كورونا) العديد من التجاوزات والأخطاء لدى وزارة الصحة برام الله".

وتابع: "لا يوجد لدينا تواصل مباشر مع الصحة برام الله، ولا توجد لدينا آلية للرقابة والمتابعة، والاحتلال مسؤول، وفق القانون الدولي، عن توفير المعدات والمتطلبات الصحية، لكن السلطة تنازلت عن هذا الحق بتواصلها مع الاحتلال".

وعدَّ أن "مبررات السلطة واهية ولا يمكن أن تُصدق، وهي تتعامل مع الاحتلال، ويجب عليها فضح الاحتلال، وألّا تتعاون معه بهذه الطريقة، ويجب إعادة الكرة للقانون الإنساني الدولي وأن يتحمل الاحتلال مسؤولية احتلاله فلسطين".