فلسطين أون لاين

الزواج المقاوم

...
صوة تعبيرية عن الزاوج المقاوم
غزة/ ريما عبد القادر:

تعلمت دورسًا في الصبر من أهالي الشهداء، فحينما كنت أتحدث مع أحدهم، كان هو يجعلني أثبت لا أنا من أحاول التخفيف عنه، فقد تعلمت من الآباء والأمهات ماذا يعني أن يكون "الزواج مقاومًا". 

حتى تكون الصورة واضحة في تفاصيلها ومعالمها الخفية التي لا يعلمها إلا الله تعالى، فحينما كنت أجري تقارير مع عائلات الشهداء، استوقفتني كلمات والد الشهيد حمزة حينما أخبرني أن نجله قبل أن يُبصر نور الحياة خارج أحشاء والدته كان مقاومًا!

انتابني في تلك اللحظة شعور الاستغراب بعض الشيء، لكن سرعان ما مُسحت علامات التعجب من ملامحي بمجرد أن أخبرني أنه وزوجته قد اتفقا على تسمية مولودهما قبل ولادته باسم "حمزة"؛ تيمنًا باسم حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم أسد الشهداء، ليكون أسدًا في معركة الحق ضد الباطل.

وعمل على تربيته على هذا الطريق، فقد وهبه للجهاد في سبيل الله تعالى، ليرتقي بإذن من الله تعالى في معركة "سيف القدس".

فكان والد حمزة يخبرني أنه يتمنى أن يكون لديه ألف من الأبناء بمثل حمزة ليقدمهم شهداء في سبيل الله تعالى، فحينما تأملتُ ذلك أدركت جيدًا أن هذا الأب كان يدرك حياته جيدًا، فاختار زوجته التي تشاركه الطريق ذاته، وحينما رُزق بالذرية كان يعلم ما المطلوب منه.

وجدته يدرك معنى الحياة الحقيقية لوجوده، يدرك أن طريق القدس ما زال يحتاج إلى الكثير من الرجال، يدرك أن رسالته لا تتمثل في توفير الطعام والشراب والتعليم والملبس لأبنائه؛ بل رسالته أعظم بكثير من ذلك.

هذه رسالة واضحة في حروفها، لنعيد ترتيب الأفكار من جديد بالزواج بألّا يكون عاديًّا، فهو أكبر من مجرد أن تكون عائلة ويهتم بها الوالدان في توفير حياة بعيدًا عن الحياة الحقيقية لهم، فالحياة ليست في حدود غزة؛ بل أكبر من ذلك بكثير، فما زالت القدس محتلة والأراضي الفلسطينية تحت نير الاحتلال.