اليوم فقط وفي احتفال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة (بتكريم المؤسسات الصحفية المتضررة والمهدمة بالقصف الإسرائيلي الغاشم في معركة سيف القدس) أدركت حجم التدمير المتعمد للمؤسسات الإعلامية: المحلية، والعربية، والدولية. في القراءة الرقمية، إذ قال المكتب الإعلامي الحكومي: إن القصف بغرض التدمير وإسكات الصوت الإعلامي بلغ (٥٣) مؤسسة إعلامية دمرت تدميرًا كليًّا؟!
وهنا تساءلت كيف تسنى للطيران الصهيوني تدمير هذا العدد الضخم في أحد عشر يومًا؟ قال لي المسؤول إن أغلب هذه المؤسسات العربية والدولية والمحلية كانت توجد في برج الجوهرة وبرج الشروق، وقد حرصت دولة الاحتلال على التدمير هذا بهدف وقف الرواية الدولية والعربية لعمليات التدمير للأبراج العالية، والعمارات السكنية، التي تحمل صورتها بالفيديو إدانة واجبة ومؤكدة لدولة الاحتلال بسبب فظاعة جرائم الهدم والقتل.
شاهدت بتعمق شريط الفيديو الذي أنتجه المكتب الإعلامي من التسجيلات التي وثقها الإعلاميون لعمليات القصف للأبراج والعمارات، والمؤسسات الصحية والمدارس، والجوامع، وكشف التسجيل عن نوع ضخم غير مسبوق من الصواريخ المدمرة: المجنحة والارتجاجية الأميركية، وهي صور يجدر أن تعرض في وسائل الإعلام على مستوى دول وشعوب العالم، وأن يصحبها تعليق تعريفي بالصورة بكل اللغات العالمية الممكنة، ليدرك العالم: قادته وشعوبه كم هي جرائم العدوان الإسرائيلي على غزة، وعلى المدنيين من سكان غزة؟
إن ما حدث في غزة لا يمكن أن تقبل حدوثه أي دولة على أرضها، وإن ما كان في الحرب العالمية يصغر أمام ما حدث من قصف لغزة إذا ما قيست المسألة المشتركة بالمساحة الجغرافية. إن التدمير الهائل قصد أمرين: الأول إخراج وسائل الإعلام في غزة عن الهواء وعن فضاء العمل والتغطية بالصورة والكلمة. والثاني هو إرعاب السكان، واتخاذهم أداة ضاغطة على المقاومة، وهو تصرف يعد جريمة حرب، لأنه يخالف القانون الدولي الذي يفترض حماية المدنيين حتى وإن تواجد بينهم عسكري أو أكثر.
(إسرائيل) دولة عدوان، وجرائم، وثقها فيديو المكتب الإعلامي توثيقًا جيدًا، أو قل وثق جرائم الاحتلال ضد المؤسسات الإعلامية والأبراج السكنية بشكل نسبي إذ لم يغطِّ كل الجرائم. وإنه لتحقيق الفائدة بردع العدو يجدر أن يترجم التسجيل للغات الحية وأن يُنشر على أوسع نطاق ممكن، وأن ترسل نسخ منه للأمين العام للأمم المتحدة. ولو عبر وسائل الاتصال الإلكتروني.