فلسطين أون لاين

أبعاد

من يزرع يجدر به أن يحصد

أحدثت معركة (سيف القدس) زلزالًا واسع النطاق، الزلزال ضربت موجاته عواصم عربية، وعواصم دولية، وأقامت مفاهيم وأسقطت أخرى. الزلزال أخرج كل المؤيدين للحق الفلسطيني إلى الشارع، وأخرج معهم كل المؤيدين للحق الإنساني في الحياة، وأخرج معهم كل من يرفض قتل المدنيين بزعم استهداف المقاومين، وأخرج معهم كل من يرفض هدم الأبراج السكنية بزعم وجود شقة فيها للمقاومة، أو للتشويش. برج الجلاء الذي احتضن وكالات إعلامية دولية كبيرة قدَّم نموذجًا يستصرخ العالم ضد العدوان الصهيوني، فخرج من أجله كثيرون.
 بعبارة أخرى خرجت الجماهير بمئات الملايين ضد (إسرائيل) وعدوانها على غزة والقدس، وضد منهجها العسكري والعنصري في عمليات القصف القاسية بأطنان المتفجرات، ليس هذا فحسب، بل ولأنها قدمت نموذجًا عدوانيًّا وعنصريًّا في التعامل مع سكان الشيخ جراح وتهديد سكان القدس بالطرد، وتقسيم المسجد الأقصى.
الجماهير خرجت في البلاد العربية والإسلامية من أجل القدس والأقصى، وخرجت مظاهرات في أوروبا وأمريكا ضد العدوان والقتل والهدم والعنصرية.  الخروج الضخم هذا حمل رسائل ذات مغزى، عجَّل بوقف إطلاق النار، وألقى ببقية رسائل الخروج وهي ذات معانٍ كبيرة في سلة المقاومة وقيادة حماس على وجه الخصوص، وألقى نفس المعنى في حجر قيادة السلطة في رام الله. الرسائل قالت وتقول: المناخ جاهز لعملية استثمار سياسي ذي مغزًى، بعيدًا عن أوسلو وشروط الرباعية، وحتى إعادة الإعمار، فهل أنتم جاهزون؟
السلطة في رام الله لم تعِ دورها في الاستثمار، وبقيت في دائرة القديم، تعيد القول بحكومة وحدة بشروط الرباعية، وغفلت عن دورها كمستثمر جاءه كسب دون أن يدفع شيئًا، ولو أحسنت لأخذت بما يسمى مبدأ تبادل الأدوار مع المقاومة لتحقيق أفضل إنجاز سياسي للشعب الفلسطيني، ودون أن تتعرض هي لتهمة تأييد المقاومة.
 الغباء الذي أبدته قيادة السلطة جعلها تحتفظ بالماضي، وتكرره، في إثر معركة قاسية ألقت بالماضي خلف ظهرنا، وقالت بلسان العمل لا القول: ما بعد (سيف القدس) غير ما قبلها.
المعركة العسكرية كانت ناجحة بالمقاييس الفلسطينية والصديقة، والشعب الفلسطيني راضٍ عن الأداء في المعركة، وهو يفتخر بما قدمته المقاومة وما قدمته غزة، وهذا يستلزم أن تجيب المقاومة على سؤال كيف نحصد ثمار ما نزرع، ولا نترك لغيرنا الحصاد، ولا لمنافق أن (يفغص) ثمار ما زرعنا؟!
تاريخ المقاومة الفلسطينية منذ عام ١٩٤٨وحتى يومنا يقول: إن المقاومة عملت كثيرًا، وعملت بنجاح في مرات عديدة، ولكنها لم تحصد ثمار ما عملت، والسؤال المنطقي يقول لماذا؟! وهنا أقول على قادة المقاومة والسياسيين أن يجيبوا على السؤال حتى لا تتكرر المأساة: نقاتل بشجاعة ولا نحصد ثمار قتالنا؟ ونزرع بقوة ويحصد غيرنا بنفاق؟! غيرنا يلتف على مصالحنا ويستأثر بثمار ما زرعنا، هل لأن معركة الحصاد أصعب وأعقد من معركة الزراعة، أم لأن السياسي غائب عن معركة ما تزرعه المقاومة؟!