شرعت كتائب القسام بانخراط العشرات من الشباب المتطوعين في صفوفها، وفتح باب التجنيد كجزء من استراتيجية المقاومة التي تستهدف تحصين وعي الشباب الفلسطيني من أي اختراق صهيوني، وهي المرحلة التي تحتاج منا الكثير، وشحذ الهمم نحو طريق التحرير.
إن أول ما يهدف له العدو الصهيوني في صراعه بمنطقة الشرق الأوسط منذ احتلال الحركة الصهيونية لأرض فلسطين عام 1948 هي شن حرب استخبارية لتدمير الوعي العربي، واستهداف كل مفاصل القوة المستندة إلى العقيدة الوطنية نحو ملكية أرض فلسطين، لأن هذه القوى تشكل تحديًا استراتيجيًا لعقيدة الاحتلال السياسية والأمنية والعسكرية، وهو ما ظهر في سياسة الاحتلال الخارجية تجاه الشرق الأوسط، وقيام الخارجية الإسرائيلية والسفراء الصهاينة بتأسيس المناهج والمعتقدات التي توغلت بين أبناء أمتنا العربية، بل وأسست المعاهد التي تخدم مصالح الاحتلال في المنطقة.
نجح العدو الصهيوني وبدعم الحركة الصهيونية العالمية في نيل الدعم الكامل من بعض القوى الغربية، بما فيها تلك القوى التي تتماهى مصالحها مع مصالح العدو الصهيوني، سواء كانت مصالح اقتصادية أو أمنية أو سياسية، وهو ما شق الأفق للعدو أن يغتصب الحق العربي والفلسطيني، وأن يحصد ثمار مرحلة كي الوعي العربي.
معركة سيف القدس جاءت لتعبد طريق انتصار جديد في التغلب على القوة الاستخبارية والأمنية للعدو الصهيوني، وقد أظهرت المقاومة أنها بوابة الصراع المتجذر أمام العدو، وأنها المحرك الرئيس في الكشف عن مدى استجابات الشعوب العربية لما يسعى له الاحتلال، وهو ما تم الكشف عنه خلال معركة سيف القدس، وهي حالة النضوج التي تؤسس لمرحلة أولى تحمل الكثير من المفاجآت.
لقد جاء قرار الإعلان عن فتح باب التجنيد في صفوف المقاومة الفلسطينية ليجسد لنا مشهداً من مشاهد الانتصار وتحصين الوعي الفلسطيني، والحفاظ على نشأة جيل نبت بين الدماء والأشلاء وتحت حمم القصف والدمار، وهو ما أعلن عنه العدو بفشله في الحرب على الفلسطينيين وعلى سكان أراضينا المحتلة عام 48 على وجه التحديد بعد أن لبوا نداء القدس ووقفوا درعاً حامياً لغزة، وحصناً منيعاً يعبر عن أصالة شعبنا ووحدة الدم والمصير.
ولأنها معركة مفتوحة مع العدو، ارتأت المقاومة أن تسلك مسارين متوازيين، في أول خطوة لاستثمار انتصار معركة سيف القدس، الأولى: تحصين المجتمع الفلسطيني واستنزاف الجهد الاستخباري للعدو من خلال التصدي لكل محاولاته التي تستهدف أبناء شعبنا، وفئات الشباب على وجه الخصوص لما لهم من اعتبارات خاصة واستراتيجية لدى دولة الاحتلال. أما المسار الثاني، فيعتمد بالأساس على تجنيد مئات الشباب ضمن التشكيلات العسكرية للمقاومة وهو ما يؤكد أن المشروع الفلسطيني لا يعتمد بالأساس على المفاوضات أو التنازلات، بل بمقاومة العدو، وبالثمن الذي يكلف الاحتلال الهزيمة وندفع نحوه الدماء.