إعادة الإعمار في غزة عملية مسكونة بتجارب وحكايات، عملية إعادة إعمار ما تهدم من غزة في ٢٠٢١ ليست هي المرة الأولى وربما لن تكون الأخيرة. غزة لها تجربة بل تجارب في ٢٠٠٨، و٢٠١٢، و٢٠١٤م، وهذه التجارب منحت غزة بصرًا وبصيرة، بحيث يمكنها التمييز بين الصورة والأصل، والصدق والزيف.
أحيانًا لا يكون الإعمار هدفًا صافيًا لمن يقدمون أنفسهم معمرين ومتبرعين، هناك أهداف سياسية واستخبارية تختلط بالمفاهيم الإنسانية، أو قل تختفي خلفها المفاهيم الإنسانية والاعتبارات الأخلاقية هي السطح المرئي لبعض من يقدمون أنفسهم لإعادة إعمار ما تهدم في غزة.
غزة لا تمنع أحدًا، ولا تبحث في النيات والأهداف الخبيئة، غزة ترحب بالمشاركين وبالمتبرعين، لأنها وببساطة لا تخفي شيئًا ولا تخاف من أحد. كل شيء في غزة مكشوف ويكاد أن يكون على السطح، غزة التي خاضت معركة (سيف القدس) لم تنظر بخوف أو خشية مما لدى العدو من معلومات عنها وعن المقاومة، لأن غزة قررت أن تواجه الاحتلال بضعفها كما تواجهه بقوة مقاومتها، وأقوى ما في غزة هو إخلاصها لدينها ووطنها.
يدور حديث متعدد الجوانب حول الأهداف التي قد تصاحب عمليات إعادة الإعمار، وهي أهداف تقودها ربما جهات استخبارية كما يقال في الأحاديث، ولكن جل هذه الأحاديث مسكونة بتخمينات، أو بقدر من الخيال المرتبط بطبيعة القلق الذي يسكن الفلسطيني، حيث الصديق الوفي عملة نادرة الوجود.
الحذر مطلوب، والمتابعة مطلوبة، ولكن الخيال المجنح مضلل وهو مرفوض، وإعادة الإعمار أعمال تجري وقائعها على مسرح الحياة بين السكان، وتحت أبصارهم، ولا داعي للمبالغات وربطها بالتجسس، ذلك أن لجل دول العالم مخابرات أو مخبرين في غزة. مصر في غزة والأردن في غزة، والإمارات في غزة، وأمريكا في غزة، وللاحتلال بقية في غزة، ومع ذلك غزة ماضية في عملها ومقاومتها وفي إعادة الإعمار، وهي بشكل متوازٍ تضرب عيون العملاء والمتخابرين، كل هذا هو من طبيعة الحياة المعاصرة، حيث لا توجد منطقة في العالم خالية من التجسس وجمع المعلومات، غزة تبحث عن الإعمار ولا تلتفت كثيرًا لأصحاب النوايا المشبوهة.