ما إن وضعت الحرب أوزارها حتى بدأت حرب من نوع آخر ليست أسهل ولا أخف من العدوان البربري على شعبنا في قطاع غزة، هي حرب الإعمار التي أطلت برأسها مبكراً تمثلت في الشروط التي صرح بها قادة الاحتلال، التي ربطت الإعمار بعودة الجنود الأسرى لدى المقاومة، فضلا عن حرمان حركة حماس أن تكون شريكة في عملية الإعمار خشية أن تصل الأموال لصناعة الصواريخ التي تضرب دولة الاحتلال، كما اشترطت الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون الإعمار عبر السلطة الفلسطينية، وغيرها من الشروط التي لا يمكن لشعبنا أو فصائل المقاومة القبول بها وذلك للأسباب التالية:
أولاً: لا يمكن ربط الإعمار بعودة الجنود المأسورين في قبضة المقاومة لأن كل ملف مختلف عن الآخر، فالجنود لا يمكن عودتهم إلا عبر صفقة يُطلَق من خلالها سراح أسرانا في سجون الاحتلال، وهو ما أكدته المقاومة وعلى رأسها حركة حماس.
ثانياً: من خلال التجربة لا يمكن تسليم ملف الإعمار للسلطة الفلسطينية وحدها، وذلك خشية المماطلة والتلاعب في أصحاب البيوت والمصانع المدمرة، حيث ثبت أن الأموال التي وصلت عبر السلطة للإعمار خلال الاعتداءات السابقة على قطاع غزة لم تصل إلى أصحابها حتى اليوم، وخير مثال على ذلك البرج الإيطالي في حي النصر الذي دمره الاحتلال في عدوان 2014 ودفعت الحكومة الإيطالية للسلطة الأموال اللازمة لإعادة البناء إلا أن السلطة لم تشرع بالبناء حتى اليوم، كما يشتكي المقاولون في قطاع غزة من عدم تسلُّم حقوقهم المالية المتراكمة على السلطة نتيجة تنفيذ أعمال لصالح السلطة من سنوات سابقة.
مما تقدم يثبت أن قضية الإعمار يجب الشروع بها سريعاً عبر لجنة نزيهة تضم جميع الأطراف المشاركة في إعادة إعمار ما دمره الاحتلال بعيداً عن الشروط والإملاءات من أي طرف كان، حتى يتم الحفاظ على الهدنة التي رعتها مصر وقطر والأمم المتحدة برعاية أمريكية، ويجب على هذه اللجنة أن تتعامل بمهنية وشفافية عالية تضمن من خلالها وصول أموال الإعمار لمستحقيها بأسرع وقت، بعيداً عن تفرد أي جهة كانت بملف الإعمار لأن شعبنا لا يمكن له القبول بأي شروط للإعمار من أي جهة كانت.