تقول قيادات حماس: ما بعد معركة سيف القدس ليس ما قبلها البتة، كل شيء تغير، ومعادلات جديدة استجدت وفرضت نفسها على الصراع. العدو تغير ويجدر أن يتغير لأنه في تراجع مستمر، ولن يعود إلى هيبته الأولى وإن حاول قادته استرجاع هذه الهيبة بالردع والرعب. العالم العربي شهد مظاهر جيدة من التغيير باتجاه احترام مقاومة فلسطين وتأييدها، والعالم الغربي تغير باتجاه تكثيف لومه لدولة الاحتلال، والضغط عليها لوقف الاستيطان، واحترام المقدسات في القدس.
كل شيء تغير إلا شيئًا واحدًا لم يتغير وأحسبه لن يتغير. كل شيء تغير إلا سلطة محمود عباس، وخطاب محمود عباس، وحاشية محمود عباس المقربة من القرار، كحسين الشيخ وعزام الأحمد، وأحمد مجدلاني وغيرهم. هؤلاء ظلوا خارج دائرة معركة سيف القدس وكأن المعركة تجري خارج فلسطين، وهي لا تعنيهم بشيء. عباس صمت صمت الأموات وما هو بميت، وحسين الشيخ وعزام الأحمد لم نسمع لهما تعليقًا البتة حتى وضعت المعركة أوزارها فطالبوا المجتمع الدولي بتمرير أموال الإعمار عبر السلطة الممثل الوحيد للشعب.
نعم، حضر المالكي وزير خارجية عباس اجتماع وزراء خارجية العرب الذي دعت له الجامعة العربية، وتحدث فيه وكانت مطالبة التمسك بالمبادرة العربية للسلام، والدعوة لمؤتمر دولي للسلام، في حين يقول له الواقع والميدان إنه لم يعد ثمة مبادرة عربية بعد التطبيع العربي واتفاقيات أبراهام، ولم يعد من الممكن عقد مؤتمر دولي للسلام لأن السلطة لا تحظى باحترام دول العالم، فكيف يستجيب العالم للسلطة غير محترمة؟!
الحرب دائرة على أشدها، والقصف بالقصف يرسم ملامح الغد، والمالكي يجتر المبادرة العربية كما يجتر البعير ما هو في مخزونه من الطعام على جوع في صحراء قاحلة. كان يمكن لرجال عباس أن يتغيروا تغيرًا موجبًا باتجاه الوطن، ولكنهم خافوا على مصالحهم ورواتبهم وامتيازاتهم المعطاة لهم من الاحتلال فظلوا على عهدهم مع التخابر والتنسيق الأمني قائمين، وعلى قطع طريق الإعمار على غزة متآمرين.
من لا يتغير ويتكلس على حب العدو وكراهية مقاومة شعبه عليه أن يعود لبيته وينزل عن أكتاف الشعب، فالشعب لا يحمل المخذلين والفاسدين، بل يحمل من حملوا همه. الشعب حمل مقاومة غزة على الأكتاف بفخر في المسجد الأقصى وساحة المنارة في رام الله، وساحات الخليل ونابلس وكفر كنة، وأم الفحم، واللد ويافا، وصبرا وشاتيلا وصيدا وصور وخلافها من مناطق التواجد الفلسطيني. كل شيء تغير إلا عباس وحاشيته وخطاب الرباعية الذليل. الوطن كرامة، والحديث بعد سيف القدس للكرامة فقط.