فلسطين أون لاين

أبعاد

تقييم بالأهداف (١٠)

كلُّ مَن تتبع تصريحات قادة العدو في أثناء المعركة وحاول أن يقرأها بعمق، وكلُّ مَن تتبع الإعلام العبري بعمق ليتعرف على الأداء والأهداف، يمكنه أن يدرك أن قادة دولة الاحتلال حاولوا خوض معركة شرسة مع المقاومة تحت (سقف القانون الدولي ومقتضياته في أثناء الحرب)، بهدف جلب أوسع تأييد دولي عالمي (لإسرائيل) بصفتها الضحية، وبصفتها تقوم بأعمال الدفاع عن النفس ضد عدوان حماس والمقاومة.

قدَّمت قيادة الجيش تسجيلات وصورًا تبين لقادة دول العالم أنها لا تقصف الأبراج والعمارات إلا بعد تحذير السكان وإعطائهم فرصة لإخلاء منازلهم. وهي لا تدمِّر غير المساكن المشبوهة، والتي فيها رجال مقاومة، وهي لا تقصف البنى التحتية وإنما تقصف الأنفاق أو ما أسموه (مترو أنفاق حماس). وهي حين تحقِّق نجاحًا في قصف نفق ولو كان محدودًا تقدمه للغرب نموذجًا لطبيعة عملها العسكري.

مخرجات هذه الحملة الدعائية الإعلامية التي شاركت فيها فرق متخصصة من جيش الاحتلال، ورجال الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي السريع، والسفارات الصهيونية، وأذرع الصهيونية في العالم، بحيث تقول جميعها: إن (إسرائيل) حققت نجاحًا مهمًا. هذا ويمكن اتخاذ تصريح البيت الأبيض، وتصريح ميركل في ألمانيا دليلًا على نجاح الدعاية العسكرية الصهيونية، وأن (إسرائيل) تدافع عن نفسها ضد منظمات إرهابية.

 هذا النجاح الذي انعكس في تصريحات بايدن وميركل كان مؤقتًا، ولكنه تراجع تراجعًا كبيرًا مع صمود المقاومة وقصفها تل أبيب، وحيث كشف الإعلام الفلسطيني وإعلام الجزيرة عن جرائم هدم الأبراج السكنية، وبيان فاضح للحجم الكبير للقتلى المدنيين، وعندها بدأ البيت الأبيض يضغط من أجل وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وقالت ميركل: إنه من حق سكان غزة العيش بأمان، ويجب الابتعاد عن المقدسات الإسلامية.

ما أود قوله: إن (إسرائيل) التي تحظى بدعم تقليدي من أمريكا وبعض الدول الأوربية لم تتمكن من توسيع دائرة التأييد الدولي لعدوانها على غزة، بل العكس هو ما حدث حيث توسعت دائرة التأييد الدولي لغزة ولسكان القدس في البلاد الإسلامية وفي شعوب الدول الأوربية.

 قصف تل أبيب وصمود المقاومة وسَّع دائرة التأييد الدولي لمطالب الفلسطينيين، وقلص مساحات التأييد الدولي (لإسرائيل). ومن البديهي أن يسمع إعلام القوي في العالم، بينما يقفز العالم عن إعلام الضعيف. ولكن المؤسف أنه ليس لدى فلسطين سلطة وطنية ذكية قادرة على ترجمة هذه التحولات الدولية لنتائج ملموسة، السلطة في رام الله كانت غارقة في الماضي، وتغلق عينيها عن تحولات الحاضر، ومعركة القدس، فلم تحدث أدنى تغيير في خطابها، وهذا ما سنبينه في مقال لاحق إن شاء الله.