فلسطين أون لاين

​انتصار الأسرى في إضرابهم .. فرحة تُتخِم الأمعاء الخاوية

...
غزة - مريم الشوبكي

ابتلت عروقهم انتصارًا، وظمؤهم ارتوى بالكرامة، بعد 40 يوما لا يدخل أفواههم إلا ماء وملح، ثبت انتصارهم على السجان مع ثبوت هلال رمضان، ليلة يوم الجمعة، وعلقوا إضرابهم بعد أن رضخت إدارة السجون الإسرائيلي لتلبية مطالبهم الإنسانية.

أصوات الزغاريد والأهازيج التي أطلقتها أمهات الأسرى من خيمة الاعتصام المقامة على أرض السرايا وسط مدينة غزة، تشعرك بأن مراسم "عرس" يقام في المكان، كيف لا وهو "عرس" انتصار كرامة أبنائهن في الأسر.

دخل رمضان الخير، ولا تزال أم الأسير "ضياء الأغا" عاكفة على مواصلة إضرابها عن الطعام تضامنا مع نجلها المضرب في السجن، فكيف تتذوق لذة لطعام وابنها حرمه على نفسه لأنه يطالب بأبسط حقوقه، ولكنها اليوم ستصوم لتدعو لفلذة قلبها بالفرج القريب بعد أن علق إضرابه.

تتحدث الأغا : " بعد أن تلقيت خبر تعليق الأسرى إضرابهم عن الطعام، لم تسعني الفرحة، 40 يوما من الحزن والقلق والترقب، أشعر أن اليوم هو العيد، سنحتفل بالعيد في أول يوم في رمضان، وسنحتفل بعد انقضاء الشهر الفضيل".

وتتابع : " اليوم أستطيع أن أوقف اضرابي عن الطعام بالتزامن مع تعليق الأسرى اضرابهم، اليوم أستطيع أن أصوم فقلبي مشبع بالسعادة ومتخم بالفخر برضوخ الاحتلال لمطالب الأسرى، أستطيع أن أبتلع لقيماتي التي امتنعت عنها طوال أيام الإضراب، اليوم شعرت بفرحة دخول شهر رمضان".

من مشاعر الفرحة المتزاحمة بانتصار الأسرى في معركتهم، لذكريات أم ضياء مع نجلها الأسير في رمضان، قائلة : " في رمضان يجتمع أبنائي وزوجاتهم وأحفادي على مائدة الإفطار، ويبقى مقعد ضياء خاليا، أنتظره منذ 25 عاما ليجلس بجواري يتناول إفطاره وهو بالقرب مني".

وأضافت الأغا : " لأن رمضان لا يحلو إلا بلمة العائلة، ما زالت هناك غصة في قلبي بأن عائلتي ينقصها وجود ضياء حولنا، أستقبل رمضان بحزن وألم على فراقه، وأفطر على دموع الاشتياق له، وما زالت أدعو الله بأن يجمعني به عن قريب ليعيش أجواء رمضان بين عائلته".

فرحة انتصار الأسرى في معركة الكرامة ونيل مطالبهم، غلبت على مشاعر الاشتياق عند أم ضياء وتذكر أيام كان فيها ضياء يقضي رمضان معها، تتحدث : " رغم أن هناك غصة في قلبي بأن نجلي لا زال قابعا خلف القضبان، ولكن فرحتي بأنه وجميع الأسرى ستتحسن ظروفهم المعيشة في السجون تطفئ شيئا من وجعي على فراقه".

25 رمضان و"ضياء" يصوم ويفطر بعيدا عن أسرته في السجن، تنشد والدته له الحرية عما قريب، وتتمنى أن يبرد نار اشتياقها برؤيته جالسا على مائدة إفطارها وأن هذا رمضانه الأخير في السجون لتعيش وتزفه عريسا.

بعد مغادرة الخيمة، تترك وراءك أمهات وزوجات وأبناء، يتبادلون التهاني، ويحضنون بعضهم البعض فرحا بانتصار معركة الكرامة، ولا تغيب أصوات الزغاريد فرحا "بعرس" الانتصار الذي حققه الأسرى.

الأسير ضياء الأغا يبلغ 42 عاما، أمضى 25 عامًا في الأسر، ولا يزال حتى اللحظة معتقلًا، ومحكومًا بالسجن مدى الحياة، حيث اعتقله الاحتلال الإسرائيلي في عام 1992.