يزعم نتنياهو قائلا :" قبل 50 عاماً عدنا لعاصمتنا، ونحن لم نحتل القدس بل حررناها"، في ضوء هذا التصريح كيف يمكن لعباس العودة إلى المفاوضات. القدس في رؤية نتنياهو واليمين هي عاصمة دولة ( إسرائيل) . كيف يمكن لعباس أن يجري مفاوضات بينما في الطرف الآخر يقف نتنياهو ليقول له إن القدس أرض إسرائيلية قامت إسرائيل بتحريرها من الاحتلال العربي في عام ١٩٦٧م؟!
نحن نعلم أن القدس فلسطينية عربية، وأن فلسطين أرض فلسطينية عربية، وقعت في ظل نكبة ١٩٤٨م تحت يد الاحتلال الصهيوني بقوة السلاح، ومن ثم فإن ما جرى في عام ١٩٤٨ كان احتلالا واغتصابا لفلسطين بعد طرد سكانها الفلسطينيين وتهجيرهم، وأن القدس جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، في عام ١٩٦٧م، بنص قرارات الأمم المتحدة،
المشكلة إذًا يمكن بلورتها في سؤال: هل القدس أرض محتلة، أم لها صفة أخرى غير هذه الصفة التي نعلمها ونؤمن بها كما يزعم نتنياهو؟! ومن ثمة يمكن العودة إلى اتفاق أوسلو الذي فشل فشلا ذريعا في الإجابة على سؤال الأرض، ما طبيعتها ، هل هي محتلة أم متنازع عليها؟!.
كيف يمكن لعباس أن يصل لحل لهذه المعضلة حين يزعم نتنياهو أمامه بأن القدس كانت محتلة من العرب، وأن جيش الاحتلال قام بتحريرها، وأنها عاصمة ( إسرائيل)؟! بل إن الموقف أخذ شكلا رسميا بعد تصريح نتنياهو فقد ذكرت المصادر الدبلوماسية أن وزارة خارجية دولة الاحتلال عممت بيانا على جميع سفاراتها حول العالم أن الاستيطان في الضفة الغربية شرعي وحق تاريخي لليهود، وأن القدس وأراضي الضفة الغربية لم تكن خاضعة يوما لسيادة فلسطينية؟!
إن المسافة التي تفصل بين الموقف الفلسطيني والموقف الإسرائيلي هي المسافة التي تفصل بين كلمتي :( التحرير) و( الاحتلال) ومن ثم كيف يمكن لعباس أن يتوقع حلا لمدينة القدس بينما يواجهه نتنياهو بهذا الخطاب الحاسم؟!
إن فارق القوة والقدرة، إضافة إلى هذه المزاعم التي يقولها نتنياهو هو الذي يجعل الفصائل تقف ضد عودة عباس إلى المفاوضات، لأنه لا جدوى منها.
إن نتنياهو الذي يؤمن بفكرة (تحرير القدس) ، هو نتنياهو الذي يرفض وقف الاستيطان من المنطلق نفسه، وهو نتنياهو الذي يتمسك بفكرة الحكم الذاتي للسكان كحل نهائي، ولا يؤمن بفكرة حل الدولتين . لقد بدأت فكرة أوسلو بحكم ذاتي للسكان، وها هي تتكرر بعد أكثر من عشرين عاما بلغة حاسمة في استقبال نتنياهو لزيارة ترامب؟! وفي بيان وزارة خارجية العدو مؤخرا؟!