هل كانت معركة سيف القدس حربًا خاضتها غزة من أجل عدد محدود من العائلات في الشيخ جراح؟! هذا السؤال وليد فكر مسكون عادة باللوم على المقاومة وحركة حماس؟! اللوم قائم في النفس المريضة سواء كانت الإجابة بنعم أو بلا. دولة العدو وقادتها هم أخبر من أصحاب هذا السؤال الذي يود أصحابه تبكيت المقاومة؟!
العدو يقول حماس خططت للمعركة ثم استغلت حادثة عوائل الشيخ جراح، وأحداث المسجد الأقصى. قرار المعركة كان جاهزًا عند حماس بالشيخ جراح ومن دون الشيخ جراح، وبإخراج عائلات فلسطينية من مساكنها بقرار محاكم الاحتلال أو من دون ذلك، والشيخ جراح لم تكُن المرة الأولى ولا الأخيرة في عمليات الطرد؟!
وأحسب أن في قول العدو مقاربة منطقية لأسباب المعركة. المقاومة في غزة أعدت للمعركة بعيد ٢٠١٤م، وجهزت نفسها لجولة قاسية من القتال، لأنها ترى في الجهاد حلًّا. المقاومة فرض لازم عليها، وأن قتال العدو لا ينبغي له أن يتوقف إلى أن يتم تحرير الأقصى والأراضي المحتلة. أو قل إن المقاومة خاضت معركة سيف القدس مع الاحتلال لأهداف استراتيجية: شرعية وحياتية. وباحتكام للأصول الشرعية المتواترة في باب الجهاد في سبيل الله.
فلسطين عربية مسلمة، وعلى كل مسلم أن يعمل لإعادتها للإسلام وتطهيرها من الاحتلال وأرجاس المحتل، والمسجد الأقصى هو عادة في قلب هذه المفاهيم لمنزلته الدينية في قلوب المسلمين قاطبة. وقد تمكنت المقاومة بذكائها من تجسيد مفهوم المقاومة والجهاد ببعده الشرعي وبعده الوطني، المرتبط عادة بأصل تشكيل حركات التحرر الوطني في العالم.
غزة قاتلت من أجل دين الله، ومن أجل رفع الحرج والإثم عن نفسها وعن غيرها. غزة قتلت من أجل نفسها ومن أجل حماية مسرى رسول الله وتعظيمًا لشأنه وشأن الإسلام والمسلمين، ولم تقاتل من أجل أسر معدودة في الشيخ جراح كما يزعم الناقدون للمقاومة، وعوائل الشيخ جراح وانتهاك حرمات الأقصى داخلة تلقائيًّا في مفهوم الجهاد ضد المحتل، وفي الجهاد من أجل إعلاء كلمة الله واستعادة فلسطين لحظيرة الإسلام والخلاص من الاحتلال.
المؤسف أن العدو يقرأ استراتيجية حماس والمقاومة، وبعض السذج من أبناء فلسطين لا يحسنون القراءة، ويقعون فريسة لدعاية المنسق الصهيوني، أو فرائس لما تمليه عليهم الشياطين التي تعمل لتحطيم الإسلام والمسلمين. غزة قاتلت من أجل الإسلام نقطة وسطر جديد.
في عهد الخليفة العباسي المعتصم قاتل الروم في عمورية بصرخة امرأة مسلمة اعتدى عليه الروم فقالت وامعتصماه، ولم يقل التاريخ إن القتال كان من أجل المرأة في ذاتها، بل كتب التاريخ تقول إن قتال المعتصم كان من أجل الإسلام الساكن في ذات هذه المرأة وغيرها من نساء المسلمين، والذي عز بانتصاره وبفتح عمورية هو الإسلام وليست المرأة في ذاتها، فاعتبروا يا من تعيشون على جلد الذات والآخرين، وتطلبون السلامة من العدو بغير قتال أو ردع له!