فلسطين أون لاين

تقييم بالأهداف (٧)

ماذا عن الخسائر المادية والخسائر المعنوية في ضوء معركة سيف القدس ومشاريع أطراف الصراع؟ 
ما من شك أن الخسائر المادية (من هدم وتدمير) لدى طرفي المعركة هي خسائر كبيرة أكبر من المعارك السابقة بكثير. وما من شك أن الخسائر المادية في طرف غزة كانت أكبر من خسائر دولة الاحتلال في تل أبيب وغيرها من الأمكنة، ولكن إعلان نتنياهو عسقلان منطقة منكوبة له دلالاته في باب الخسائر.  
من الطبيعي أن تكون خسائر غزة على مستوى هدم (البيوت والأبراج والإضرار بالبنى التحتية) كبيرة في معركة تشارك فيها (٨٠-١٦٩) طائرة مقاتلة قاذفة في سماء مفتوحة لها لغياب المضادات الجوية، الفارق في قوة النيران بين المقاومة وجيش الاحتلال، هو السبب المباشر للفارق في الخسائر المادية.
ومع ذلك يمكن القول: إن القيمة المالية لخسائر العدو هي أكبر بأضعاف للخسائر المالية لدى غزة، خسائر العدو المالية هي خسائر ربما تجاوزت (٣) مليارات دولار، مع تضرر (٣٤٠٠) مبنى جزئيًّا أو كليًّا.
هذا، ولكن نتائج المعارك والحروب لا تقاس بالخسائر المالية والمادية فحسب، بل تقاس به وبالخسائر التي يسمّونها معنوية أيضًا، (وهي تسمية عاجزة عن تجسيد الفكرة المقصودة). الخسائر المعنوية تشمل الخسائر النفسية ذات الدلالة، وخسائر الإحساس بالمستقبل والحق في الوجود المستقر على أرض فلسطين، ومدى تحقيق المعركة أهداف جلب الاستقرار وإشعار المستوطن الصهيوني بأنه يعيش على أرضه في أمن واستقرار، هذه الخسائر الكبيرة كانت خسائر صافية في طرف العدو المحتل.
أهداف العدو في هذا الباب لم تحقِّق شيئًا، وما حققته انتصارات العدو على الدول العربية، وما حققه التطبيع مع البلاد العربية تراجع تراجُعًا مذهلًا وفي أحد عشر يومًا من القتال بعد ضرب تل أبيب وإدخال السكان للملاجئ وانعدام القدرة على ممارسة الحياة الطبيعية التي مارسوها بجدارة في حروب دولتهم السابقة مع الدول العربية.
وفي مقابل هذا التراجع سجلت معركة سيف القدس تقدمًا للمقاومة نحو أهداف التحرير، وحماية المقدسات، وعرقلة التهجير والاستيطان، وأعطت فرصة للمقاومة لتثبيت معادلة (وإن عدتم عدنا، وإن زدتم زدنا). 
خلاصة هذا التقييم خسائر غزة المادية كبيرة، ولكن المواطن يقول مفتخرًا المال معوَّض. وخسائر العدو المعنوية التي هي من فاتورة المستقبل والوجود هي كبيرة، ولا خسائر لغزة في هذا المجال، وقتلى غزة شهداء أحياء عند ربهم يرزقون هذا لا يُعد خسارة بل كسبًا، وقتلاهم في النار خسروا الدنيا والآخرة.
ويجدر بكل من يعمل في باب تقييم المعركة أن يجمع في تقييمه بين محورين: المادي والمعنوي. وبين الظاهر والباطن، وبين العاجل المشاهد وبين الآجل الذي تُشاهَد تباشيره ودلالاته.