فلسطين أون لاين

تقويم بالأهداف (٤)

قاربنا في المقالات الثلاثة السابقة أهدافًا ثلاثة هي: القدس عربية مسلمة وهي خط أحمر، ثم انكسار هيبة الدولة المحتلة وجيشها، ثم إسقاط مفهوم الردع، وتحقيق المقاومة لقدر جيد من الردع المقابل. والآن نقارب هدفًا رابعًا نقوم من خلاله معركة (سيف القدس)، وهو: دعوات الصهيونية للهجرة إلى بلاد السمن والعسل والأمن والأمان؟!

منذ قيام دولة الاحتلال على أرض فلسطين في عام ١٩٤٨م وقادتها يحاولون بناء الدولة والجيش، وامتلاك القوة العسكرية التي لا تقهر، والقادرة على حماية مشروع الدولة، ومن ثمة جذب يهود العالم ليعيشوا في (إسرائيل) بصفتها بلاد السمن والعسل، وبلاد الأمن والأمان، وقد حققوا هذا الهدف بشكل جيد، حيث ارتفع عدد اليهود في فلسطين المحتلة لستة ملايين ونصف تقريبًا حتى عام ٢٠٢١م، جاء جلهم من المنافي مهاجرين (لإسرائيل) كبلاد للأمن والعسل والاقتصاد والرفاهية والهيكل واستعادة الموروث؟!

في معركة (سيف القدس) التي بدأت في ٢٨ رمضان ١٤٤٢ للهجرة قلبت غزة هذا الهدف رأسًا على عقب، إذ بدأ المستوطن القادم لتل أبيب أو غيرها من أمريكا أو أستراليا أو كندا أو غيرها من الدول يشعر أنه استبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى. حيث ترك الأمن وجاء إلى حيث الحرب الدائمة والمتجددة، وترك الاقتصاد والعسل وجاء إلى البصل واللا اقتصاد، وترك الرفاهية لعيش في الملاجئ بأمر من صفارات الإنذار المتكررة؟!

كل دعوات النشأة التي حملتها الدعاية الصهيونية إلى يهود العالم، والتي بلغت أوج الثقة فيها بعد هزيمة ١٩٦٧م السريعة للدول العربية، أثبتت معركة (سيف القدس) أنها دعوات مزيفة، وعلامات النصر والاستقرار فيها عي علامات مؤقتة، وأن (٧٣) عامًا من النشأة ومراكمة القوة لم تستطِع صيانة هذه الأهداف القائمة على إغراء اليهودي ليأتي للعيش في (إسرائيل). ما تم لهم في (٧٣) عامًا انقلب انقلابًا جوهريًّا وبشكل سلبي بفعل صواريخ غزة التي ضربت تل أبيب وغيرها، وحفزت فكر المهاجرين للدولة لإعادة التفكير في قرار الهجرة لفلسطين المحتلة، وفي قرار مستقبل البقاء في دولة تحت السلاح يوميًّا على مدار السنة، وتعركها المعارك بين الفينة والأخرى؟! عودة المستوطن إلى سؤال الهجرة لمقاربة الصواب من الخطأ هو بداية أفول دولة الاحتلال. وبداية الأفول تلاحقها فلسطينيًّا وفكريًّا دعوات التحرير الممكن لفلسطين في هذا الجيل. التحرير ممكن رغم تفوق العدو في السلاح.

ثقة المستوطن بالبقاء في (إسرائيل) هي في تراجع. وبلاد السمن والعسل والاقتصاد، لم تعد كذلك، بل هي بلاد الحرب والكر والفر والموت؟! بلاد المستقبل لم تعد تحمل شيئًا موجبًا عن المستقبل؟! يقول المستوطن: لا مجال لاستسلام الفلسطيني، ولا مجال لتنازله عن وطنه وعن القدس على وجه الخصوص. الفلسطيني ينمو ويكبر ويتسلح ويقاوم، (وإسرائيل) ينحني ظهرها عامًا بعد عام على الرغم من تفوقها في النيران، ولكن النار لا تملك الحل. والحل في ترك بلاد الحرب والعودة للبلاد الأم، وصدق قول ربنا: "وقطعناهم في الأرض أمامًا"؛ أي لا تجمعَ لكم باقٍ في فلسطين أو في مكان واحد آخر.