فلسطين أون لاين

​الكهرباء والرواتب تسرقان بهجة الغزيين بـ"رمضان"

...
أزمات القطاع تؤثر على الإقبال على التسوق في رمضان (تصوير / عمر الإفرنجي)
غزة - صفاء عاشور

يأتي رمضان هذا العام على أهالي قطاع غزة، المحاصر منذ ما يزيد عن عشر سنوات، غريبا وفاقدا لملامح الفرح والبهجة التي سرقتها أزمات القطاع التي سبقت مجيئه.

ويعاني القطاع المحاصر من أزمات متعددة أبرزها: أزمة الكهرباء المستمرة منذ أكثر من أربعين يوما، وأزمة قطع مخصصات الشؤون الاجتماعية، وأهالي الشهداء والأسرى، وخصومات رواتب موظفي السلطة التي كانت كفيلة بأن تُخفي الكثير من الفرحة التي كان يشعر بها الصائم في رمضان.

ورغم كل ما سبق، إلا أن الكثير من الأهالي يخططون للتأقلم مع هذه الظروف وادخال الفرح والسرور على عائلاتهم، وخاصة الأطفال الذين يرون في الشهر الكريم، فرصة للتعرف عليه بكل تفاصيله خاصة المفرحة لتبقى لهم بالذاكرة إلى الأبد.

بدون كهرباء

وقال محمد عودة من مخيم الشاطئ، إن رمضان يأتي هذا العام فاقدا لرونقه، وإن الفرحة التي كان يشعر بها المسلم الغزي بالشهر الكريم، ليست موجودة هذا العام، مرجعاً السبب إلى أزمة الرواتب التي جعلت الكثيرين يعزفون عن شراء أغراض رمضان.

وأشار عودة لصحيفة "فلسطين" إلى أن الليلة الماضية (أول يوم)، تسحرت عائلته على "العتمة"، متوقعا في الوقت ذاته، أن تفطر عائلته في اليوم نفسه دون كهرباء، لافتاً إلى أن انقطاع الكهرباء كفيل بأن يتسبب بالحزن على العائلة وخاصة الأطفال.

ونوه عودة إلى أنه حاول التغلب على هذه الظروف من خلال اصطحاب عائلته إلى الأسواق ليريهم زينة رمضان واحتفال الناس به، ومشاهدة الفوانيس المعلقة في الشوارع كإضاءة زادت من جماله.

وذكر عودة أن ميناء غزة وشاطئ البحر سيكون لهما نصيب كبير من أيام الإفطار خارج المنزل خلال شهر رمضان، وذلك للتخفيف عن الأسرة من أثر استمرار قطع الكهرباء لساعات طويلة خاصة في ظل جلوس جميع أفراد الأسرة في المنزل بعد انتهاء الأطفال من الامتحانات المدرسية.

وتابع: "الأوضاع في القطاع صعبة والجميع متخوف من القادم، لذلك يمكن لهذه الجولات الخارجية أن تخفف ولو قليلاً من الآثار النفسية الصعبة التي تعيشها الأسرة"، لافتاً إلى أن الميناء والبحر أماكن مفتوحة لا تحتاج مصاريف مالية كثيرة.

قلة المال

فيما ستقضي ميرفت عويضة من مدينة غزة، إفطارات رمضان في منزلها، فلا يمكن لها الافطار خارجه، نظرا لقلة المصروف الشهري، وعمل زوجها طوال أيام نهار رمضان.

وقالت عويضة لصحيفة "فلسطين": "هذه ليست المرة الأولى التي نفطر بها على العتمة وبدون كهرباء، ولكن الحمد للمولى متوفر في المنزل بعض الإضاءة البديلة على البطاريات "الليدات" وهذه تعوض قليلا غياب الكهرباء ساعة الإفطار".

وأضافت عويضة أن: "أي خطة للإفطار خارج المنزل تحتاج مصاريف إضافية، حيث تتطلب وجبة قيمة كالدجاج أو المشاوي ومكان للذهاب به ربما يحتاج إلى شراء التذاكر لدخوله"، لافتة إلى أنه في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها عائلتها يبقى الإفطار في المنزل أفضل.

من جهتها، أكدت سناء الكحلوت أن أزمه الكهرباء والرواتب ليست جديده على أهالي القطاع، وأنها "أضحت للأسف الشديد شيئا عاديا في حياتنا اليومية"، لافتة إلى أن هذه الأزمات زادت من صعوبة الحياة التي نعيشها.

وأشارت الكحلوت في حديثها لصحيفة "فلسطين" إلى أنه في ظل هذه الأزمات أضحت عائلتها لا تشعر بأجواء رمضان على غرار السنوات الماضية، لافتةً إلى أن أزمة الرواتب زادت من المصاعب ومن قدرة الناس على توفير احتياجاتهم.

وبينت أنها تعتمد بشكل كبير على الكهرباء في إنجاز مهام منزلها وخاصة الطبخ، إلا أن عدم توفرها لساعات طويلة خلال شهر رمضان سيجعلها تعود للأساليب القديمة في الطبخ أو اعتماد وجبات لا تحتاج لكهرباء لتجهيزها.

خطط لرمضان

من جهتها، بدأت ميسون صابر وهي أم لثلاثة أطفال بالتخطيط لاستقبال شهر رمضان بعيدا عن الأزمات التي يمر بها القطاع، حيث عملت على تحضير زينة الشهر الكريم في المنزل وهو ما أدخل الفرحة لقلوب أطفالها.

وأوضحت صابر لصحيفة "فلسطين" أن تحضير الزينة كان كفيلا بإيصال رسالة للأطفال أن رمضان شهر مرتبط بالفرحة والسرور، وأن مجيئه سيكون باب خير يُفتح لكل المسلمين الصائمين، لافتةً إلى أنها قررت اصطحاب أطفالها إلى صلاة التراويح لتعزيز الوازع الديني لديهم.

وقالت صابر إن: "أزمة الكهرباء التي يعاني منها القطاع جعلتها تفكر في التقليل من أثرها على العائلة، لذلك حاولت تغيير بعض الأجواء المصاحبة لرمضان، كالإفطار مرة على سطح المنزل أو عند أحد أفراد العائلة في العزائم، أو الخروج للإفطار على شاطئ البحر أو في أحد المتنزهات"، مؤكدة أن كل هذه الأمور لا تستنزف شيئاً كبيراً من مصروف البيت ولكنها كفيلة بإحداث تغيير ايجابي على أهل البيت.

من جانبه، أكد محمد الأغا من مدينة خان يونس، أن شهر رمضان هو شهر فضيل كريم له خصوصيته، إلا أنه يمر هذا العام وقد اشتد الحصار وكثرت الأزمات، لافتاً إلى أن رمضان فرصة للتقرب والالتجاء إلى المولى تعالى بصدق، والاهتمام بالشعائر التي تزيد البركة خصوصاً صلة الأرحام.

وقال الأغا لصحيفة "فلسطين": "رغم كل المشاكل والأزمات إلا أنه يجب على الفلسطينيين إظهار روح التضامن والتكافل فيما بينهم"، منوهاً إلى أن رمضان هو شهر التوفير، توفير الوقت للطاعات والعبادات، ومن جانب آخر توفير المال للصدقات.