فلسطين أون لاين

غزة تاريخ يتجدد

دولة الاحتلال تفقد القدرة على الردع، أكذوبة الردع التي تسلَّح بها جيش الاحتلال لسنوات طويلة في مواجهة غزة تحطمت الآن على أسوار غزة، كما تحطَّمت في الزمن القديم طموحات نابليون على أسوار عكا. غزة لا يغزوها غازٍ إلا خرج منها مُهانًا مُحرجًا، غزة تاريخ عريق في الشهامة والنصر، مرَّ بها التتار والصليبيون وهُزموا وبقيت هي شاهدة على التاريخ. الاحتلال الصهيوني ليس بدعًا بين الغزاة المجرمين، بل هو الأضعف من التتار ومن الصليبين، ولكن الذي يعوِّق هزيمته هم الطابور الخامس، والتنسيق الأمني. زملط سفير السلطة في لندن ينتقد المقاومة، وعزام الأحمد يرى أن المقاومة فوَّتت على السلطة الحصول على إدانة لأعمال الاحتلال في القدس.

مجلس الأمن لم يفعل شيئًا، ولن يفعل في ظل الحماية الأمريكية (إسرائيل)، وجامعة الدول العربية لم تفعل شيئًا في انعقادها الأخير، وهي لن تفعل لأنها واقعة تحت قيادة الدول المطبعة مع العدو، وهذه الدول لا تحترم المقاومة، وترى فيها شرًّا يجب الخلاص منه. الأداء السياسي كان قبل بدء القتال محبطًا، سواء على مستوى السلطة، أو العرب، أو المجتمع الدولي. هذا الإحباط كان صاعق التفجير الذي دفع المقاومة في غزة للتصرُّف بقوة.

كانت القدس في ٢٨ رمضان الجاري تعج بالمستوطنين والمتدينين القادمين من جل المستوطنات بهدف تعكير حياة المقدسيين، وتدنيس الأقصى، وتنفيذ ما يسمى بمسيرة الأعلام التي ترمز إلى توحيد العدو للمدينة في عام ١٩٦٩م. كل الدعوات السياسية والضغوط الدولية لم تؤثر في هذه الحشود المعتدية المستعلية ظلمًا، ولكن صواريخ القسام التي وصلت إلى القدس أخلت المدينة من هذه الحشود الظالمة المستعلية، وجعلت منطقة ما يسمى "المبكى" دون زائرين، وأعطت  للمرابطين والمصلين في المسجد راحة نفسية وعملية لاستكمال الاعتكاف براحة ودون هجمات الجيش ورصاصهم.

نعم؛ قذيفة واحدة خير من ألف منبر من منابر الكلام، صاروخ قسامي واحد قلب معادلة القدس، وأرجع الحق إلى نصابه ولو مؤقتًا، صاروخ قسامي قال ما عجزت عن قوله جامعة الدول العربية، وما عجز عن قوله مجلس الأمن، وما عجز عباس عن قوله لنتنياهو، ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. دولة الاحتلال تحترم الأقوياء، والعالم كله لا يحترم الضعفاء.  غزة وإن دفعت ثمنًا ما في هذه المعركة، فهي تكتب تاريخ الرجولة، والبطولة، وتستعيد تاريخ غزة في هزيمة الغزاة. وما النصر إلا من عند الله.