فلسطين أون لاين

رمضان في عيون الشعراء

"الشعرُ رسول الشعراء"، يروقُ لي تصديقُ ذلك، فهو يوصل فكرة الشاعر إلى القلوب والعقول، فالشاعرُ هو ذلك الانسان الذي وهبه الله قلباً مُرهفاً، وقدرة كبيرة على تحويل الأحاسيس إلى كلماتٍ تنبضُ بالحياةِ والحبِ والثورةِ من خلالِ قلمٍ سيالٍ فيكتبُ ما يخطر على قلبِه ويفرغُ انفعالاته وخواطره على ورقةٍ بيضاء تُسلّمُ نفسها له دون مقاومة، لأنها تدرك أنه سيزرع في رحمها ما يسعد قلبها.

والمتأملُ في أشعار الشعراء يلحظ أنهم قد قالوا رأيهم في كل شيء، فلم يتركوا طفلا وديعا أو حمامة بيضاء، أو عصفورا جميلا أو زهرة حمراء أو صفراء أو فراشة ملونة إلا وقالوا كلمتهم مدحاً أو قدحاً، ولسان حالهم يقول" نحن هنا ".

ومما كتب الشعراء فيه قصائد هو رمضان " الزمان والفكرة والروح" ، كيف لا ؟ وهو الشهر الذي تتجلى فيه أسمى المعاني الروحية التي تفتح شهية الشاعر وتثير قريحته للتعبيراتِ الجميلة والتصويراتِ الفنيةِ الرائعة، وهو الوتر الذي يحب الشاعر العزف عليه، لذا يحرصُ الشعراء على أن يكتبوا فيه وعنه، لتخرج أشعارهم جميلة بجمال وعظمة وروعة المكتوب عنه، ويُسمعوا الآخرين أعذب الألحان.

وقد تنوعت كتابات الشعراء عن رمضان، منهم من استقبله بأجمل الأبيات مستبشراً به، ومنهم من كتب عن بركاته وفضله، وعن ليلة القدر، وعن انتصاراته وفتوحاته وعن قدرته في تهذيب وتأديب النفس، ومنهم من كتب مودعاً له وحزيناً على فراقه، ومنهم من كتب راجيا الله عزوجل أن يبقيه على ذات الهمة التي كان عليها في رمضان.

 

ومما كتبه أحد الشعراء_ لم أحظ بإيجاد اسمه مُرحِباً برمضان:

جاء الصومُ فجاء الخير أجمعه ....... ترتيلُ ذكرٍ وتحميدٌ وتسبيحُ

فالنفسُ تدأبُ في قولٍ وفي عملٍ ..... وصوم النهار وبالليلِ تراويحُ

 

وكتب شاعر آخر _لم استدل على اسمه_ معبراً عن فرحته بقدوم رمضان:

قالوا بأنك قادم فتهللت بالبشر أوجهنا وبالخيلاء

لم لا نتيه مع الهيام ونزدهي بجلال أيامك ووحي سماء

 

وعن جوهر شهر رمضان كتب الشاعر خالد أبو جراد يصفه بأنه:

شهر الفضائل فوق كل فضيلةٍ فيه اكتناز الخير والحسنات

قد ذبتُ في رمضانِ شوقاً للعلا ولليلةِ القدر المُنى عطِراتِ

 

وعن أهمية استثمار شهر رمضان قرأت شعراً_ لم أقف على صاحبه_ فأعجبني:

أدِم الصيام مع القيام تعبـــداً فكلاهما عملان مقبولان

قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم إلا كنومةِ حائرٍ ولهان

فلربما تأتي المنية بغتـــةً فتساقُ من فرسٍ إلى أكفان

يا حبذا عينان في غسقِ الدجى من خشيةِ الرحمنِ باكيتان

 

أما الشاعر "اياد سليم " كتب مودعاً رمضان بحروف من عمق القلب:

الشهرُ يرحلُ، والهلالُ كأنَّهُ وجهٌ تراءى في قليلِ ضياءِ

كأيِّ تحوّلٍ في الأرض، إنْ. يأتي ربيعٌ، ..بعد طولِ شتاءِ

خيلُ المواسمِ لا تُريد وداعه وقفتْ خشوعًا مثل خيل سِباءِ

يبقى القول إن رمضان لا تفنى كنوزه، فهو وإن كان " أياماً معدودات" يكفي أن فيه ليلة خير من ألف شهر، وما سبق هو غيض من فيض مما كتبه الشعراء عن الضيف الخفيف اللطيف، وكل عام وأنتم بخير.