ما تشهده المدينة المقدسة خلال أيام شهر رمضان المبارك من اشتباك دائم مع قوات الاحتلال الصهيوني الحامية لقطعان المستوطنين الذين يدنسون باحات المسجد الأقصى ويعملون على اقتحامه في مشهد أثار حمية أهلنا المرابطين في مدينة القدس وهبّوا للدفاع عن قبلة المسلمين الأولى، كما التحم معهم أهلنا في أراضي الداخل المحتل والضفة الغربية ليثبت أن المعركة مع الاحتلال هي معركة عقائدية يهب من أجلها كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين دفاعًا عن مقدساتهم.
وليس أدلَّ على ذلك من وقوف غزة المحاصرة المكلومة مع أهلنا في القدس بل وخروج رمز المقاومة القائد محمد الضيف ليعلن أن رسالة المقدسيين بطلب النصرة قد وصلت والمقاومة على أتم الاستعداد أن تدافع عن المسجد الأقصى مهما كلف الأمر، وانطلقت وحدات الإرباك الليلي والبالونات الحارقة من قطاع غزة نصرة للقدس وأهلها، وحذرت الاحتلال أنه في حال عدم تراجعه فإن المعركة ستكون مفتوحة على جميع الخيارات لتردعه وتجبره على لجم غلاة المستوطنين من تدنيس المسجد الأقصى، وتحمي بيوت أهلنا في حي الشيخ جراح من المصادرة وطرد أهلها وتهجيرهم.
لعل أهم قضية تجمع العرب والمسلمين والأحرار في كل مكان هي القدس والمسجد الأقصى الذي ينتظر أن تتحول بيانات الشجب والاستنكار من الدول العربية والمنظمات الأممية إلى قرار وإجراءات تجبر المحتل على التراجع الفعلي عن مخططاته الرامية إلى تهجير أهلنا في المدينة المقدسة لصالح المستوطنين وصولًا إلى تهويد القدس، وتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا بين المسلمين واليهود استعدادًا لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.
إن مدينة القدس خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو التسليم بخطط المحتل بأي حال من الأحوال، فلا يمكن لنتنياهو المأزوم داخليًّا أن يلعب بنار المدينة المقدسة لأنها ستكون رادعة له وستعمل على إسقاطه وإسقاط حكومته المتطرفة العنصرية، بل ستعجل بذهابه إلى السجن، لذا أدرك نتنياهو خطورة المشهد ما دفعه إلى التراجع وسحب غلاة المستوطنين من محيط المسجد الأقصى والسماح لأهلنا بالصلاة والاعتكاف في المسجد الأقصى، والتواصل مع مختلف الوسطاء لاحتواء الموقف، لتسجل المدينة المقدسة نصرًا جديدًا بعد نصر معركة البوابات الإلكترونية وباب العمود، لتبقى القدس بوصلة الصراع الحقيقي حتى تحرير فلسطين وطرد المحتلين.