أكد حاتم عبد القادر عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" عضو الهيئة الإسلامية العليا في القدس المحتلة أن المقدسيين يخوضون حربًا من أجل تثبيت وجودهم في المدينة المحتلة، متهمًا السلطة في رام الله بالتقصير بدعم صمودهم من خلال رؤية أو خطة أو إستراتيجية لتوفير دعم سياسي ومادي وإعلامي لهم.
وقال عبد القادر في حديث لصحيفة "فلسطين": إن "دور السلطة الفلسطينية في مدينة القدس ضعيف فاتفاق "أوسلو" الموقع مع الاحتلال قيَّد دورها فيها، فلا تستطيع العمل فيها بأريحية".
وبيَّن أن مدينة القدس خلال الأعوام الخمسة عشر الأخيرة عانت معاناةً كبيرةً جدًا من التغوُّل والتهويد الإسرائيلي، خاصة بعد تحوُّل الأمريكان من الموقف المنحاز لـ(إسرائيل) لموقف يتبنى موقف اليمين وروايته التوراتية من خلال "صفقة القرن".
وأردف بالقول: "هذا التحوُّل الأمريكي لم يقابله دعم حقيقي من السلطة والعالم العربي والإسلامي ليبقى المقدسيون فرادى في مواجهة الصلف الإسرائيلي".
وأعرب عبد القادر عن عدم تفاؤله بأن ينصف القضاء الإسرائيلي أهالي الشيخ جراح الذين قدَّموا استئنافًا ضد قرار إخلائهم، قائلًا: "فالقضية بالأساس سياسية والمحاكم الإسرائيلية تنفذ أجندة سياسية مرتبطة بـ(إسرائيل)".
وبيَّن أن المسار القانوني أضحى مسدودًا أمام أهالي الحي لذلك ينبغي تحرُّك المقدسيين للتضامن مع الشيخ جراح والوقوف أمام التطهير العرقي واقتلاع (إسرائيل) لعدة عائلات تعيش في هذه المنطقة منذ أكثر من ستين عاماً.
وأشار إلى أن أهالي الحي يخوضون نضالًا سياسيًّا بالتواصل مع دول أوروبية فاعلة من خلال لجنة الحي والقوى الوطنية والإسلامية بالقدس لدفع تلك الدول للضغط على الاحتلال لوقف الإخلاء.
وقال: "كما يجرون اتصالات مع الأردن ومصر، لكون الأردن هي التي أعطت المواطنين الحق في تملك تلك الوحدات السكنية، مقابل تنازلهم عن كونهم لاجئين من غرب القدس في عام 1952 فيعني إخلاؤهم من منازلهم نكبتين: الأولى بإخراجهم من غرب القدس، والثانية من الشيخ جراح".
ونبَّه إلى أن الاحتلال يستهدف -كبداية- ستة منازل في الشيخ جراح، وفي شهر أغسطس سيخلي خمسة منازل أخرى، في إخلاء تدريجي للحي لإقامة مستوطنة بدلًا منه في قلب القدس المحتلة.
ولا يقف الاستهداف عند الشيخ جراح فحسب، وفق عبد القادر، بل يستهدف الاحتلال أحياء كاملة في سلوان خاصة "حي بطن الهوى" حيث تدور معركة قضائية بين سكانه والجمعيات الاستيطانية (خاصة ألعاد) التي تدعي ملكيتها لأراضيه منذ ما قبل نكبة الـ48.
وأكد عضو الهيئة الإسلامية العليا في القدس أن الاحتلال يحاول بكل الوسائل فرض وقائع جديدة بتقليص الوجود الفلسطيني داخل القدس.
ودعا عبد القادر الدول العربية التي لها علاقات مع (إسرائيل) "مصر والأردن" لممارسة الضغط السياسي عليها لوقف ترحيل المقدسيين، قائلاً: "رغم أنني غير متفائل بأن يفلح هذا الضغط في دفع (إسرائيل) للتراجع عن سياساتها".
واستدرك بالقول: "لكن ما قد يجعل الوضع مختلفًا في القدس تداعيات هبَّة باب العمود إذا انتقلت إلى الشيخ الجراح، فقد يفلح المقدسيون في منع الإخلاء أو تأجيله، لكن لا يجوز تركهم وحدهم، بل يجب أن يصاحب ذلك فعل من جانب السلطة وإسناد حقيقي من الضفة الغربية وغزة.
وأشار إلى أن هبَّة باب العمود أعادت القدس إلى الواجهة وصوَّبت البوصلة بالاتجاه الصحيح، قائلًا: "أعادت القدس إلى مركز النضال الفلسطيني بعد أن غابت عنه طويلًا، فينبغي استثمار وتوظيف الهبَّة وتكريسها على أرض الواقع كعنصر النضال ضد الاحتلال لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني، فلا مشروع ولا دولة دون القدس".
وشدد على أن المقدسيين حققوا إنجازات كثيرة من خلال هبَّاتهم كما حدث في هبَّة البوابات 2017، وهبَّة باب الرحمة 2018، قائلًا: "كلما تفاقم التغول الإسرائيلي ومحاولات الإذلال على المقدسيين كلما هبُّوا منتفضين مؤكدين أن شعلة النضال مستمرة وتحتاج إلى إسناد مادي واعلامي لتبقى القدس مركزًا للمقاومة الفلسطينية".
وأشار إلى أن ذلك يأتي في ظل استهداف (إسرائيل) الواضح للمقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس على حد سواء بالاقتحامات ليس فقط من المستوطنين بل من كل مكونات الحكم في (إسرائيل) من أعضاء "كنيست" ورؤساء أحزاب وغيرهم لتكريس يهودية المدينة وتحويلها ليس فقط عاصمة سياسية لـ(إسرائيل) بل دينية لليهود في كل العالم.
ولفت عبد القادر إلى أن (إسرائيل) تحاول تهويد المقدسات بمزاعم توراتية خرافية لا أساس لها، مضيفًا: "ما يجري في المدينة حرب دينية لاستبدال المقدسات بالمكون اليهودي يحاولون فعل ذلك تدريجيًّا لكنهم فشلوا في ذلك حتى اللحظة بسبب مقاومة المواطنين لهم وتصديهم لأي تغيرات دراماتيكية على أرض الواقع خاصة في الأقصى".