كثيرا ما نستخدم كلمة الحق والباطل، فنقول هذا حق، وهذا باطل، وذاك حق أُريدَ به باطل. فما الحق إذا علمنا أن الباطل نقيضه؟ الحق في الشريعة والفكر: الشيء الثابت الذي لا يتغيّر؛ أي لا يتغير بالأهواء ولا بالمتغيرات. فلسطين للفلسطينيين حقّ؛ أي شيء ثابت أبدي لا يتغيّر بالاحتلال ولا بقيام دولة العدو، ولا باتفاقية أوسلو.
فلسطين هنا ضربْتُها مَثَلًا توضيحيا، وغرضي أن أقول إن الانتخابات الفلسطينية حقّ، أيْ شيء ثابت لا يتغير لا بموف (إسرائيل) ، ولا بالتأجيل، وكل من يعترض على هذا الحقّ ويعوقه، هو جزء من المتغيرات التي لا ثبات لها ولا بقاء.
أمّا دعوة الرئيس عباس للانتخابات قبل أشهر قليلة فلا يمكن القول إنها كانت دعوة تتصف بالحقّ. ولو كانت دعوة حقّ وحقيقية لما تأجلت الانتخابات بمبررات واهية، على حد قول حركة حماس. كانت مراسيم الانتخابات دعوة، مجرد دعوة اقتضتها ظروف الوقت والحال، وجاء التأجيل بمقتضى الظرف والحال أيضا.
سياسة عباس الفلسطينية الداخلية، وبالذات في مسألة الانتخابات، لم تكن ذات مصداقية، لأن سياسته عادة تفارق الحقّ الذي لا يتغير.
التأجيل تمّ، سواء وافقت عليه حماس والقوائم الأخرى، أم لم توافق. قرار الإجراء كان للرئيس وحده، وكانت للآخرين مشورة فيه. والتأجيل هو قرار للرئيس، وللآخرين مشورة بالموافقة لا غير.
فلسطين القرار فيها لواحد، والكلام فيها للكل، مجرد الكلام.
أربع عشرة قائمة أرسلت رسالة لعباس ولرئيس اللجنة الانتخابية ترفض التأجيل. هذا موقف جيد، ولكنه في دائرة (مجرد كلام)، لأن النظام الفلسطيني لا يعطيهم الشراكة في صناعة القرار، النظام الفلسطيني القائم يقول: الرئيس يدعوكم فتأتون، والرئيس يصرفكم فتنصرفون، نظام سلس لا تعقيد فيه.
والآن انتظرونا في مراسيم قادمة، فلعل وعسى أن تحظوا بدعوة لمائدة جديدة. لا تيئسوا. الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.