قائمة الموقع

رمضان الغفران

2021-04-26T14:26:00+03:00

يأتي شهر رمضان وقلبنا مليء بالحماس لهذا الشهر العظيم كي نتقرب من الله أكثر وندعوه أن يغفر لنا ذنوبنا ونصلي ونقرأ القرآن ونتصدق ونفعل الخير قدر استطاعتنا، حتى نستفيد من شهر رمضان قدر الإمكان، ولكننا ننسى شيئًا مهمًّا حثنا الإسلام عليه، ألا وهو العفو عن الناس.

وقد يبادر الطرف الآخر إليك ويأتي ليبدأ صفحة جديدة وأنت ترفض بكل قسوة، مع أن الموقف قد يكون بسيطاً ولا يحتاج لكل هذا الغل والحقد، وإن كان كبيراً فإذا شخص أتى وفتح قلبه لك، واعتذر إليك بكل صدق وندم عما فعل؛ فلا تصر على الخصام.

الله بعظمته هو الرحمن الرحيم، يغفر لنا ذنوبنا حتى لو كانت من الكبائر، فمن نحن أمام الله (عز وجل)؟! كيف نطلب المغفرة من الله ونتمنى بكل رجاء وخشوع أن يغفر لنا ذنوبنا ونرفض نحن العفو عن الناس؟! فحديث شريف يوضح هذا الأمر، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: "ارْحَمُوا تُرْحَمُوا وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكُمْ وَيْلٌ لأَقْمَاعِ الْقَوْلِ وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ".

وبعضٌ من الناس الذين يرفضون الصلح مع الآخرين يكونون هم الظلام، وليس الطرف الآخر، وهذا أمر شاهدته على أرض الواقع، وكان يزعجني كثيرًا لما فيه من ظلم وأذى، أعلم أننا بشر مختلفون وبنا صفات يتميز فيها كل شخصٍ من الآخر، ولكني ما زلتُ لا أستطيع أن أتفهم الظالمين، لأن الظلم بشع جدًّا ويسبب ضررًا بالغًا للمظلوم حتى الأشخاص الذين شاهدوا هذا الظلم.

فما أجمل أن نعيش في بيئة صالحة مؤمنة تخاف الله في كل شيء، نكون مترابطين ويحب بعضنا الخير لبعضٍ، ويقف بعضنا في الشدائد مع بعضٍ، وكأننا عائلة، ونتفهم أننا مختلفون في الطباع، فلذلك قد يصدر من كل شخص سوء تفاهم، ونأخذ هذا الأمر بكل سلاسة، ونتفهم أن هذا الشخص لا يقصد الإساءة، تأملوا كيف ستصبح حياتنا، جميلة وهادئة ومليئة بالحب والترابط الأخوي.

فلمَ الخصام؟! ونحن في شهر مبارك مسامحة الناس فيه ستأخذ عليها أجرًا عظيمًا أكثر من أي شهر آخر، خاصة لو كنت مظلومًا، قال (تعالى): "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (آل عمران: 134).

وأيضًا العفو عن الناس من أجل إرضاء الله فيه أجر عظيم عند الله (عز وجل)، أي أن تكون نيتك في الصلح نية صادقة خالصة لوجه الله تعالى.

وكثير منا يعتقد أن العفو ومسامحة الآخرين من صفات الشخص المسكين (الغلبان)، وهذا اعتقاد في غاية الخطأ، لأن الإنسان الخلوق والمثقف عمومًا هو الذي يعرف أنه ينبغي لنا المسامحة من أجل الإنسانية والرحمة، ولا يملك في قلبه أي غل أو حقد لأن قلبه سليم مستبصر الحياة أكثر من الطرف الآخر الذي يكن كل هذا الحقد، عن عبد الله بن عمرو قال: قيل لرسول الله ﷺ: "أي الناس أفضل؟"، قال: "كل مخموم القلب، صدوق اللسان"، قالوا: "صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟"، قال: "هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل، ولا حسد".

فلنضع كل شيء وراء ظهرنا ونبدأ حياة جديدة بقلب نقي تقي يحب الخير لكل الناس، فلتعفوا عن الجميع في هذا الشهر المبارك لتنالوا الأجر العظيم.

اخبار ذات صلة