فلسطين أون لاين

تقرير "ليلة ساخنة" في حي الشيخ جراح.. والمقدسيون يتصدون بصدورهم

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة- غزة/ نور الدين صالح:

عندما حلَّت الساعة العاشرة والنصف من مساء الجمعة الثانية من شهر رمضان المبارك، كان حي الشيخ جراح الواقع في مدينة القدس المحتلة على موعد جديد مع "ليلة دامية وساخنة" بالأحداث التي تخللها ممارسات عنصرية من المستوطنين المتطرفين، بحق الأهالي الذين بات تحقيق الأمن لهم "شبه مستحيل".

كعادتهم، هاجم عشرات المستوطنين المتطرفين من مختلف المنظمات الإرهابية أزقة وبيوت الحي، بعدما اندلعت هبّة عارمة تصدى خلالها الشبان بصدورهم العارية للممارسات العدوانية المُرتكبة بحماية من شرطة الاحتلال الإسرائيلي.

يأتي هذا الاعتداء في خضم الصراع الذي يخوضه أهالي حي الشيخ جراح الواقع شمال البلدة القديمة منذ عام 1972 لمواجهة المخطط الإسرائيلي لتهجيرهم وبناء مستوطنة على أنقاض بيوتهم، خاصة بعد إصدار المحاكم الإسرائيلية قرارات متتالية بهذا الشأن.

يقول أحد سكان حي الشيخ جراح يعقوب أبو عرفة: إن شرطة الاحتلال هاجمت ليلة الجمعة مناطق شرقي القدس ومنها "الشيخ جراح"، اندلعت في إثرها مواجهات عنيفة، أسفرت عن إصابة العشرات.

لم تتوقف الاشتباكات حتى الساعة الرابعة فجراً، إذ تمركز جُلها قرب مسجد الشيخ جراح وسط الحي، وفق ما يروي أبو عرفة لصحيفة "فلسطين".

"ليلة ساخنة" هكذا وصف أبو عرفة ما مرّ به حي الشيخ جراح الأكثر نصيباً من المدن الأخرى شرقي القدس، إذ تخللها إلقاء القنابل الصوتية والغازية والعيارات المطاطية واعتقال الشبان، فضلًا عن مداهمات واعتداءات المستوطنين للأهالي.

ويوضح أن مجموعات المستوطنين المتطرفين، عاقدين العزم على تنظيم مظاهرات ليلية ضد الأحياء المقدسية ومنها الشيخ جراح، من أجل تفريغها من السكان، حيث يهتفون "الموت للعرب".

ويشير إلى أن المواجهات تشتد بين الشبان وجيش الاحتلال عقب انتهاء صلاة التراويح، لافتاً إلى أن الحي يعيش أوضاعاً متسارعة حيث تُرسَل أوامر إخلاء لبيوت جديدة، وتُعقد جلسات محاكم إسرائيلية.

ويُطالب أبو عرفة الجهات والمؤسسات المعنية والدول العربية بالضغط على حكومة الاحتلال لوقف التهجير القسري الذي يتعرض له حي الشيخ جراح، داعياً وسائل الإعلام لتسليط الضوء على معاناة الأهالي الناجمة عن جرائم الاحتلال، وتوصيل صوتهم لكل العالم.

هكذا بدا الحال لدى المواطن نبيل الكرد، أحد سكان حي الشيخ جراح، إذ يؤكد أن الحي عاش ليلة ساخنة من المواجهات، "لكن الشبان استطاعوا صد قوات الاحتلال بكل قوّة"، حسب وصفه.

ولم تتوقف ممارسات جماعات المستوطنين المتطرفين، وخاصة منذ بداية شهر رمضان المبارك، كما يقول الكرد لصحيفة "فلسطين"، حيث يواصلون سياسة تضييق الخناق على الأهالي، وصولاً لتهجيرهم.

ويؤكد أن الاحتلال ومستوطنيه يحاولون فرض سياستهم وسيادتهم على مدينة القدس، من خلال التضييق والتهجير، من أجل إحلال المستوطنين بدلاً منهم، لأن الحي يُعد حلقة وصل بين شرقي القدس وغربها.

وبدأت قصة "حي الشيخ جراح" حينما أُنشئ عام 1956 بموجب اتفاقية وُقِّعت بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والحكومة الأردنية، وفي حينه استوعب 28 عائلة فلسطينية هُجِّرت من أراضيها المحتلة عام 1948، وباتت اليوم نحو 80 أسرة تضم أكثر من خمسمئة نسمة.

لكن سلطات الاحتلال أخلت قبل ثلاث سنوات عائلات فلسطينية من منازلها، والآن تنوي إخلاء عائلة الصباغ، وقررت مؤخرًا إخلاء 7 عائلات أخرى خلال العام الجاري والعام المقبل.

ويخطط الاحتلال لبناء مستوطنة على أنقاض "الشيخ جراح" تضم 250 وحدة سكنية، ويستند في هجمته ضد الأهالي إلى مزاعم أن الورقة التي تضمنتها الاتفاقية الموقَّعة بين سكان الحي و"أونروا" لم تكن موسومة بشعار الوكالة حتى لا تتحمل أعباء فيما بعد، ما جعل الجمعيات الاستيطانية تتخذ هذه المسألة ذريعة ليكون لها موطئ قدم في الحي.