حذر رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني المحتل الشيخ كمال الخطيب، من محاولات الاحتلال الإسرائيلي تحويل الصراع في مدينة القدس إلى صراع ديني.
وأضاف الخطيب لصحيفة "فلسطين": الاحتلال يقودنا رويدًا رويدًا لصراع ديني، وهو الخاسر فيه لأن القدس والمسجد الأقصى المبارك لكل المسلمين في العالم، وبذلك فهي تستعدي جميع المسلمين.
وأكد أن الأحداث التي تشهدها مدينة القدس وصمود المقدسيين بها ورفضهم لكل مخططات ومشاريع الاحتلال دليل على استحالة أن يأتي اليوم الذي يظن الاحتلال فيه أنه يستطيع ترويض القدس وأهلها وإضفاء جدوى الرفض لـ(إسرائيل).
وشدد على مواصلة المقدسيين نضالهم وصمودهم رغم الجرائم الممارسة بحقهم للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، وعن حقوقه وحريته مهما كلف ذلك من ثمن.
تطبيع دولي
وبيَّن الخطيب أن القدس وأبناءها يؤكدون في كل مرة أن هوية القدس لا يمكن بأي حال من الأحوال مسخها أو تشويهها، وأن سنوات الاحتلال الطويلة لم تغير من أصالة أهل القدس، وأنهم خط الدفاع الأول عنه.
وأكمل: "إن أحداث القدس تؤكد للقاصي والداني أن الشعب الفلسطيني حتى لو أدار الأشقاء له الظهر فإنه لن يفرط بمقدساته، وسيستمر في الدفاع عنه مهما كلفه ذلك من ثمن".
وأشار إلى أن انتقال شرارة الفعاليات والاحتجاجات من القدس إلى مختلف الأراضي الفلسطينية يعيدنا بالذاكرة إلى ثورة البراق عام 1929م، عندما دعت جمعية يهودية إلى التجمع لإقامة طقوس توراتية مقابل حائط البراق، رد عليهم الفلسطينيون بالتجمع للاحتفال بذكرى ميلاد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبدأت الصدامات التي أدت إلى استشهد نحو 133 فلسطينيًّا وقتل أكثر من 160 يهوديًّا، وانتقلت الشعلة بعدها لمختلف محافظات الوطن.
ورأى أن زيادة الاعتداءات في القدس والأقصى بسبب حالة التطبيع الدولي الذي يدفع الاحتلال إلى مواصلة جرائمه، وبسبب الانقسام السياسي الذي زاد من تغول الاحتلال على القدس والأقصى، إضافة إلى مواصلة التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال والسلطة، وما ارتكبته الأخيرة بالعمل باتفاقية "أوسلو" التي تنص على التفريط بمدينة القدس، ومشاريع الهرولة مع الاحتلال وفتح قنوات اتصال علنية معها.
دور مشبوه
وأكد الخطيب أن "السلطة في رام الله لم تقدم إلا الطعنات الغادرة كعادتها للقدس والأقصى والمقدسيين، ولم تؤدِ الحد الأدنى من دورها المطلوب".
وأردف رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني المحتل: "إن دور السلطة لا يعدو عن إصدار بيانات، فدور السلطة مشبوه في الحد الأدنى والأكثر من ذلك والأيام القادمة ستخبرنا".
وعدَّ أن تعيين السلطة وزير القدس من المدينة المقدسة نفسها ثم إضعافه خلال السنوات الماضية عبر عدم تقديم ما يحتاج إليه من خدمات وإمكانات للقدس وللأقصى وللمقدسيين يدلل على الدور المشبوه الذي تلعبه السلطة.
وانتقد الصمت العربي والإسلامي لما يحدث في القدس والأقصى، مشيرًا إلى أن "الصمت المريب من قبل الجوار العربي والإسلامي يشير إلى أن الأنظمة المتنفذة أرادت التخلص من وجع القضية الفلسطينية والقدس، سواء كان ذلك عبر الصمت أو الوضوح في التآمر، وهذا حصل في اليوم الثالث من أيام شهر رمضان عندما قدِم السفير الإماراتي الجديد ليبارك لقادة الاحتلال في الذكرى الـ73 لتأسيس كيان الاحتلال، وهو يعلم أن التأسيس كان على حساب نكبة شعبنا الفلسطيني وتهجير الملايين في الشتات".
وأكمل: "لا يوجد دور عربي أو إسلامي بشأن ما يدور في القدس والمسجد الأقصى المبارك"، مستغربًا حالة الصمت المريب والانخراس تجاه ما يحدث في القدس.
كما انتقد دور الإعلام السعودي الإماراتي وتحديدًا قناة العربية، في تناول قضية القدس والأحداث الدائرة بها، "فتجدها تتحدث وكأنها تصطف إلى جانب الإعلام الإسرائيلي في تجريم أهل القدس المدافعين عن القدس والمسجد الأقصى المبارك".
شرف الأمة
وأمضى الخطيب يقول: إن "القدس هي "البارومتر" للشرف والعفة والكرامة للأمة، فمن ينصر القدس فهو في خانة الشرفاء والخيرين، ومن يتآمر على القدس أو يصمت عن نصرتها فهو في خانة الأعداء والكارهين الذين لن ينالوا شرف الدفاع عنها".
وتابع الخطيب: "إذا كانت القدس بخير، فالأمة الإسلامية بخير، وإذا القدس مُهوَّدة، فالأمة الإسلامية في تراجع، وعليه لا بد من التركيز على القدس"، مؤكدًا أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول جاهدًا تغييب القدس والسيطرة عليها بشتى الوسائل والطرق.
ودعا الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده إلى الانتفاض نصرة للقدس والمسجد الأقصى المبارك، حاثًّا المقدسيين والمرابطين لمواصلة صبرهم وصمودهم وثباتهم في وجه الجرائم التي تتعرض لها المدينة المقدسة وعدم طأطأة الرأس ومواصلة الدفاع عن القدس والأقصى.
واختتم رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني المحتل، بالقول: "إن الاعتداءات على القدس والمسجد الأقصى المبارك لن تتوقف ما دام بقي الاحتلال على هذه الأرض، فالمطلوب من الشعوب العربية وأحرار وشرفاء العالم الانتفاض للقدس والأقصى، فمطلبنا ليس من الأنظمة الميتة التي لا يُطلب ولا يُستنجد بها، فمطلبنا من الشعوب المحبة للقدس وفلسطين لأن تنتفض نصرة للقدس والأقصى".
وتشهد مدينة القدس منذ بداية شهر رمضان المبارك، مواجهات بين فلسطينيين وشرطة الاحتلال، على خلفية محاولة الأخيرة منعهم من التجمع في منطقة "باب العامود" التي اعتادوا إحياء ليالي الشهر الكريم فيها.
وبلغت الأحداث ذروتها مساء الخميس وفجر الجمعة الماضيين، حيث شهدت المدينة مواجهات عنيفة بين فلسطينيين من جهة، وشرطة الاحتلال ومستوطنين من جهة أخرى، وعمت المظاهرات الرافضة والمنددة بإجراءات الاحتلال مختلف الأراضي الفلسطينية.