ما إن تنتهي هجمة إسرائيلية على بلدة أو قرية أو تجمع فلسطيني، حتى تبدأ بتنفيذ هجمة جديدة في مكان آخر في محاولة منها لتهجير الفلسطينيين من أرضهم وإفراغها من سكانها الأصليين، وإبدالهم بمستوطنين أغراب يعيثون في الأرض الفساد.
وتحاول سلطات الاحتلال استغلال حالة التطبيع العربي والدعم الأمريكي من أجل مواصلة مشاريعها العنصرية وتفريغ الأحياء والقرى والبلدات العربية من سكانها الأصليين.
وتشهد مدينة القدس وأحياؤها ومناطق الأغوار محاولة إسرائيلية مستمرة وممنهجة من أجل تغيير معالمها وصبغها بطابع تلمودي، في خطوة مكشوفة لتزوير وتزييف التاريخ وتهويد المنطقة بالكامل، وفق مختصان.
تضييق الخناق
وقال مدير عام الدائرة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عائد مرار: إن سلطات الاحتلال وعصابات المستوطنين يكثفون حملات ضد الفلسطينيين في مختلف مناطق وجودهم والدفع بهم لمغادرة أرضهم في محاولة إسرائيلية لخلق واقع طارد للسكان من أجل توسعة المستوطنات على حساب الأراضي والأحياء الفلسطينية.
وأوضح مرار لصحيفة "فلسطين" أن الهدف الذي يسعى إليه الاحتلال من خلال حملاته المنظمة ضد القرى والأحياء الفلسطينية هو الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية لصالح الاستيطان، مؤكدًا أن مدينة القدس ومنطقة الأغوار الفلسطينية هما أكثر المناطق استهدافًا.
ويبين أن الاحتلال يتبع سياسات عدة لتهجير الفلسطينيين، كخلق ظروفٍ لا تطاق في مناطق معينة تحمل السكان في نهاية المطاف لترك منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى كتنظيم حملات واقتحامات مستمرة على القرى والبلدات الفلسطينية، واعتقال عدد من الفلسطينيين بحجج واهية، وقطع تواصلهم مع العالم الخارجي وتجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم بموجب قوانين ولوائح تمييزية تسفر عن إخلاء الأسر من مساكنها قسرًا، وترحيلهم بموجب مبررات أمنية وقانون الطوارئ، والاستعانة بالسماسرة بهدف تسريب العقارات إلى المستوطنين.
كما يعمل الاحتلال على منع الفلسطينيين في المناطق المستهدفة التزود باحتجاجاتهم في تلك المناطق، وفرض الغرامات المالية الباهظة عليهم، وهدم منازلهم بحجة عدم امتلاك التراخيص، وإضعاف الثقة بالنفس ودفعهم نحو الاستسلام، بحسب مرار.
وأكد المدير العام للدائرة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن ما يشجع قوات الاحتلال على مواصلة جرائمها في استهداف القرى والأحياء والتجمعات الفلسطينية، هو ضمان عدم محاسبتها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي أو المحلي.
وبين مرار أن الاحتلال يحاول تشتيت الفلسطينيين عن أماكن الاقتحامات التي ينفذها، كتنفيذ عمليات عدة في وقت واحد وفي أكثر من منطقة، وتنفيذ اقتحامات متكررة لبعض المناطق، ومنع التواصل بين الفلسطينيين في المناطق المستهدفة.
وحث الفلسطينيين للثورة على الجرائم التي ترتكب بحقهم، مضيفًا: "إن التزام الصمت على ما يقوم به المستوطنون وقوات الاحتلال من جرائم يزيد من توغلهم على الأراضي الفلسطينية"، داعيًا إلى وضع برنامج نضالي مقاوم يضغط على الاحتلال لوقف هجماته الاستيطانية بحق القرى والبلدات الفلسطينية في ظل انحياز عربي ودولي للاحتلال.
أمر واقع
في حين قال المختص بشؤون الاستيطان خالد منصور: لا يتوانى الاحتلال عن التنغيص على السكان الأصليين، واستغلال كل الفرص المتاحة أمامه من أجل سلب مزيد من الأراضي الفلسطينية خدمة لمشاريعه الاستيطانية في المنطقة.
ورأى منصور لصحيفة "فلسطين" أن سياسات الاحتلال والمستوطنين للاعتداء على الأحياء والقرى والتجمعات الفلسطينية مستمرة وهدفها خلق واقع طارد للفلسطينيين من أجل توسعة المستوطنات وبناء مستوطنات جديدة.
وأشار إلى أن الاحتلال يستغل في عملياته التي ينفذها بحق الفلسطينيين حالة التطبيع العربي والدعم الأمريكي للتغطية على جرائمه ومواصلة سلب الأراضي الفلسطينية، بعيدًا عن وسائل الإعلام.
وتعد مدينة القدس وأحياؤها من أكثر المناطق استهدافًا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي لاعتبارها رمزًا للاحتلال والحرية، يليها منطقة الأغوار الفلسطينية، وفق منصور، الذي بين أن الاستيطان زاد بعد الاعتراف الأمريكي بأن القدس عاصمة لكيان الاحتلال.
ويضيف: "يشعر الاحتلال بأنه بمنأى عن المحاسبة على المستوى المحلي والدولي؛ ما يُجرِّئه على مواصلة جرائمه"، لافتًا إلى أن جميع القرى والتجمعات والبلدات الفلسطينية ليست بعيدة عن الاستهداف الإسرائيلي.
ويشير إلى أن الاحتلال يحاول سلب الأراضي ومصادرتها لصالح مشاريع شق طرق التفافية، وتضييق الخناق على القرى والبلدات الفلسطينية وفصل قرى عن بعضها بعضًا في مقدمة للاستيلاء عليها.
ويؤكد أن الاحتلال يعمل جاهدًا لإضعاف ثقة الفلسطينيين بأنفسهم وقيادتهم من أجل دفعهم إلى الاستسلام لسياسة الأمر الواقع، من خلال استباحة كل البلدات والقرى والمدن الفلسطينية، وتنفيذ عمليات الاعتقال والهدم فيها.
وذكر أن قوات الاحتلال وبالتعاون مع المستوطنين يحاولون التغطية على جرائمهم المنفذة في المدن والبلدات الفلسطينية من خلال تنفيذ الاقتحامات اليومية في القدس والمسجد الأقصى المبارك، وقمع المصليين.
وأكد أن "صمت الفلسطينيين على الجرائم الإسرائيلية واقتحام بلداتهم وقراهم يساهم في مواصلة عملياتهم الاستيطانية"، داعيًا لوقف التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال، وتصعيد وتعزيز المقاومة الشعبية، ووضع برنامج نضالي لإنهاء الاحتلال، ودعم صمود الفلسطينيين وكل من يتعرض لسياسة التهجير.