شحيحة هي المعلومات التي تخرج بين حين وآخر عن الأوساط الإسرائيلية عن مفاوضات صفقة تبادل الأسرى التي يجري الحديث بشأنها، في حين تتكتم المقاومة على ما لديها من تطورات ذات علاقة، لأسباب تبدو مفهومة ووجيهة.
آخر التسريبات الإسرائيلية تناولت ما يتردد بشأن المفاوضات غير المباشرة مع حماس، عقب تجدد الوساطة المصرية في محاولة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى جديدة، لكن العقبة الرئيسة ما زالت متمثلة برفض الاحتلال الإفراج عن مئات الأسرى الكبار الذين يتهمهم بالتخطيط والإشراف وتنفيذ عمليات قُتل فيها جنود ومستوطنون إسرائيليون.
بدا واضحًا -وفق المعلومات الإسرائيلية المتناثرة- أن الاجتماع المصري مع حماس و(إسرائيل) تركز حول إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة بينهما، حيث استأنف المصريون نشاطهم بعد انقطاع طويل في إثر ضغوط من ألمانيا والنرويج.
من الطبيعي ألا تصدر حماس أي إعلان عن زيارة الوفد المصري، لكن مسؤوليها أكدوا أنها تتعلق بصفقة تبادل أسرى جديدة مع (إسرائيل)، ورغم إخفاء التفاصيل من الجانبين، فإن المصريين أظهروا بالفعل قدرتهم على التوسط في صفقة وفاء الأحرار، وفي حين أكد مسؤولون أمنيون في (إسرائيل) استئناف جهود الوساطة المصرية، فإنهم لم يؤكدوا أن ذلك يشير بالضرورة إلى تقدم ملموس.
مع العلم أن آخر مبادرة لكسر الجمود في محادثات صفقة التبادل حصلت العام الماضي في ضوء انتشار وباء كورونا في قطاع غزة، وطرح "مبادرة إنسانية"، حيث طالبت حماس (إسرائيل) بالإفراج عن الأسرى الأمنيين المسنين والمرضى مقابل الحصول على معلومات عن مصير الأسرى الإسرائيليين الأربعة المحتجزين لديها في قطاع غزة، مقابل حزمة من المساعدات الاقتصادية والطبية لقطاع غزة.
حماس من جهتها طالبت مجددًا بالإفراج عن مئات الأسرى المتهمين بتنفيذ عمليات قُتل فيها إسرائيليون، ولذلك فإن المفاوضات توقفت، غير أن نقطة تحول حصلت قبل شهر، حيث طلبت (إسرائيل) من ألمانيا الضغط على مصر لاستئناف الوساطة، معربة عن استعدادها لمناقشة مطالب حركة حماس السياسية والأمنية، وما زلنا في طور تسريبات إسرائيلية فقط.
تبقى العقبة الرئيسة أمام إنجاز هذه الصفقة التي ينتظرها الفلسطينيون، تتمثل برفض (إسرائيل) الإفراج عن الأسرى "الخطيرين" الذين ظهرت أسماؤهم في قائمة حماس المقدمة عبر المصريين، بزعم أنها ترفض أي مطلب بإطلاق سراح أسرى أيديهم ملطخة بالدماء، ويقضون أحكامًا بالسجن مدى الحياة في السجون الإسرائيلية.
يبدو واضحًا أن الاعتماد منصب الآن على ألمانيا والنرويج للضغط على (إسرائيل) لتقديم تنازلات، والمضي قدمًا مع حماس بشأن صفقة جديدة، مع تقدير إسرائيلي بأن التوصل إليها قد يمهد الطريق لاتفاق وقف إطلاق نار طويل الأجل بينهما، رغم أن الحركة مستعدة فقط لترتيبات تفضي إلى هدنة قصيرة، للإبقاء على رافعة ضغط عليها في جميع الأوقات.